للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفرق المصنف بين القائلين وأقوالهم؛ لأنه أقرب إلى الاختصار من جميع ذلك، ورد الأول من الأقوال إلى الأول من القائلين، ثم كذلك إلى آخرها، وأظهرها قول ابن القاسم؛ لأنه إنما يملك الكتابة والرقبة ليس بقادر على التصرف فيها، وكذلك كونه مكاتباً.

وَفِي الْمُدَبَّرِ قَبْلَ الدَّيْنِ قَوْلانِ

هذا الكلام يحتمل معنيين:

أحدهما: أن يجعل الدين فيه أولاً كالعرض ويكون كقوله: (والمكاتب كالعرض) - وأعاده ليرتب عليه ما بعده- وعلى هذا مشاه ابن عبد السلام.

والثاني: أن يريد بأن القائلين بأن العرض يجعل فيه الدين. اختلفوا في المدبر على قولين: فمنهم من قال: هو كالعرض، ومنهم من قال: لا، ويكون على هذا الوجه خلافاً مركباً. وعلى هذا حمله شيخنا- رحمه الله- ويؤيده التفرقة بينه وبين المكاتب في قوله: (والمكاتب كالعرض وفي المدبر قولان). وأيضاً فلأن القول بأن الدين لا يجعل إلا في العين منقول عن ابن عبد الحكم. وهذا القول- أعني: أن المدبر لا يجعل فيه؛ أي: لا في رقبته ولا في خدمته- منقول عن سحنون. كذا نقله صاحب النوادر، واللخمي، وابن شاس وغيرهم. فاختلاف القائل دليل على ما قلناه. ويؤيد هذا قول ابن بشير في توجيه هذا القول، وهذا نظراً إلى أن بيعه لا يمكن من غير التفات إلى إمكان رجوعه إلى الرق. واحترز بقوله: (قَبْلَ الدَّيْنِ) من المدبر بعد الدين، فإنه لا يختلف في أنه يجعل الدين في رقبته؛ إذ التدبير باطل لسبق الدين عليه.

وَعَلَى جَعْلِهِ، فَفِي كَوْنِهِ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ أَوْ فِي خِدْمَتِهِ قوَلْانِ لابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ

فابن القاسم يقول: يجعل في قيمة رقبته. وأشهب يقول: يجعل في قيمة خدمته. قال ابن الجلاب: وبه أقول. وهو الجاري على قول ابن القاسم في المكاتب؛ لأنه إنما يملك

<<  <  ج: ص:  >  >>