أما تخريص التمر، فصح عنه صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً، وأما العنب فجاء فيه حديث عتاب بن أسيد رواه عنه سعيد بن المسيب ولم يذكره، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما تؤخذ زكاة النخل تمراً ولا يخرص غيرهما. قال في الموطأ: وعلى ذلك الأمر عندنا. ومقابل الأشهر إلحاق غيرهما، وصححه بعضهم في الزرع إذا لم تؤمن عليه أربابه وخيف منهم. وقال محمد بن عبد الحكم: إذا خيف منهم وكَّل عليهم أمين ولم يخرص عليهم. وكذلك اختلف في الزيتون إذا لم تؤمن عليه أربابه هل يخرص أو يوكل عليهم أمين؟
واختلف في تعليل الخرص في التمر والعنب، فقال في المدونة، والموطأ: إن ذلك توسعة عليهم. أي: أن الحاجة داعية إلى أكلهما رطبين. قيل: بل لإمكان الحزر فيهما دون غيرهما. وعلى التعليلين اختلف في تخريص غيرهما إذا احتيج إليه، فيخرص على الأول دون الثاني. هكذا قال المصنف وفيه نظر؛ لأنه علل في المدونة بالأول فلو كان كما قال المصنف للزم أن يكون المشهور تخريص غيرهما إذا احتيج إليه وليس كذلك. قال في المدونة: ولا يخرص إلا العنب والتمر للحاجة إلى أكلهما رطبين. انتهى.
والذي ينبغي أن يقال: إنما اعتبر في المدونة شدة الحاجة في غالب الأوقات والأزمان، والزيتون ونحوه ليس كذلك. وفي التعليل الثاني نظر؛ لأن الزيتتون والحب يجوز بيعهما إذ ذاك، ولو لم يمكن الحزر فيهما لم يجز بيعهما. والله أعلم.