خليل: وفي التخريج نظرٌ؛ لأن التعبدَ في الغسل أقوى، ولم يحفظ صاحبُ المقدمات في وجوب النية في الوضوء خلافاً، بل حكى الاتفاق عليها.
وحكمةُ إيجابِ النية تمييزُ العبادات عن العادات؛ لتبيينِ ما لله عما ليس له، وتمييز مراتبِ العبادات في أنفسها؛ لتمييز مكافآت العبد على فعلهِ، ويظهرَ قدرُ تعظيم العبد لربه.
فمثال الأول الغُسل: يكون عبادةً ويكون تبرداً، وحضورُ المساجد يكون للصلاة ويكون للفرجة، ويكون السجودُ لله وللصنم.
ومثال الثاني الصلاة؛ لانقسامها إلى فرضٍ ونفلٍ، والفرضُ ينقسم إلى فرضٍ على الأعيانِ وفرضٍ على الكفاية، وفرض على منذور وغير منذور.
ومحلُّ النية القلبُ. قال المازريُّ: أكثرُ المُتَشَرِّعِينَ وأقلُّ أهلِ الفلسفةِ على أنَّ النيةَ في القلبِ، وأقلُّ المتشرعين وأكثرُ أهل الفلسفةِ على أنها في الدماغِ.
ورُوي عن عبد الملك في كتاب الجنايات أنَّ العقلَ في الدماغِ.
وقوله (ببَعْضِ أَحْكَامِهِ) أي: ببعضِ لوازمِ الوضوءِ كرفعِ الحدثِ. وعبارتُه تقتضي أن للوضوءِ أحكاماً، وأن منها رفعَ الحدث، وهو كذلك؛ لأن الوضوءَ له أحكامٌ منها رفعُ الحدثِ عن الأعضاء، ومنها استباحةُ ما كان الحدث مانعاً منه، ومنها امتثالُ أَمْرِ الله تعالى بأداءِ ما افتَرَضَ.
وقوله:(أَوِ اسْتِبَاحَةِ شَيْءٍ مِمَّا لا يُسْتَبَاحُ إِلا بِهِ) الضمير المجرور في (بِهِ) يحَتمل عَوْدَه على الوضوء، ويحتمل عودَه على رفع الحدث، ورجحه بعضُهم؛ لأنه يَلزم على