يعني: أنه اختُلف في وقت النيةِ، فالْمَشْهُورِ أنها عند غسل الوجه، وقيل: إنها عند غسل اليدين. وجمعَ بعضُهم بين القولين فقال: يبدأُ بالنية عند أول الفعل، ويَسْتَصْحِبُها إلى أولِ الفَرْضِ. خليل: والظاهرُ هو القول الثاني؛ لأنه إذا قلنا: إنه ينوي عند غسل الوجه. يَلْزَمُ منه أَنْ يَعْرَى غسلُ اليدين والمضمضة والاستنشاق عن النيةِ. فإن قالوا: ينوي له نيةً مُفْرَدَةً. قيل: يَلزم منه أن يكون للوضوء نيتان، ولا قائلَ بذلك.
قاله ابن راشد.
وَفِي الْفَصْلِ الْيَسِيرِ بَيْنَهُمَا قَوْلانِ
أي: بين النية ومحلها.
ابن عبد السلام: والأشهرُ عدمُ التأثير، ومقتضى الدليل خلافُه.
وقال المازري: الأصح في النظرِ عدمُ الإجزاء. ابن بزيزة: وهو الْمَشْهُورِ.
ومن هذا المعنى اختلافُهم فيمن مشى إلى الحمَّام أو إلى النهر ناوياً غُسل الجنابة، فلما أخذ في الطُّهر نسيها. قال عيسى عن ابن القاسم: يجزئه فيهما. وشبه ابن القاسم ذلك بمن أَمَرَ أهلَه فوضعوا له ماءً يَغتسل به من الجنابة. وقال سحنون: يجزئه في النهر لا في الحمام. وقال في البيان: ووجهُه أن النيةَ بَعُدَتْ؛ لاشتغاله بالتَّحْمِيمِ قبلَ الغُسْلِ، وكذلك إن ذهب إلى النهر لِيَغْسِلَ ثوبَه قبل الغُسل، فغَسَل ثوبَه ثم اغتسل، لا يُجزئه على مذهبه، ولو لم يَتحمم في الحمام أجزأه الغُسْلُ، كالنهر سواء، ووجه ما قاله ابن القاسم أنه لما خرج إلى الحمام بنية أن يتحمم ثم يغتسل لم تُرْتَفَضْ عنده النيةُ. انتهى.
ونقل القارفي في قولاً بعدمِ الإجزاء في الحمام والنهر، وفُهم من التقييد باليسير أنه لو كان كثيراً لم يجز بلا خلاف. وقاله المازري.