واحتج القائل بالتخيير بما في الموطأ قال: أمره النبي – صلى الله عليه وسلم – بعتق رقبة أو بصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكيناً، مع أنه أقرب إلى البراءة الأصلية.
وعلى كل منهما اعتراض، أما على الأول فلأن قوله صلى الله عليه وسلم:(هل تجد)، وهل تجد لا تدل على الترتيب. وأما على الثاني فلاحتمال أن تكون أو للتفصيل. دلت الرواية الأخرى على أن المراد الترتيب، والأصح المشهور، فإن قوله: هل تستطيع؟ ليس فيه دليل على الترتيب، لا بالنص ولا بالظاهر، وقاله عياض.
وحمل مطرف وابن الماجشون وابن حبيب وصاحب النكت وغيرهم.
قوله في الكتاب:(لا يَعْرِفُ مَالِكٌ إلا الإطعَامِ) على معنى لا يعرف المستحب. وأخذوا من ذلك أن التصدق بالطعام أفضل من العتق، ومنهم من حمله على ظاهره، وخصص الإجزاء بالإطعام، ولعل المصنف وابن بشير ممن اعتمد على هذا.
عياض: ولا يحل تأويله على مالك، لأنه خرق للإجماع.
فائدة:
أشار اللخمي إلى أن أصل المذهب أن من أتى مستفتياً صدق فيما يدعيه ولم يلزم بالكفارة، وإن ظهر عليه، نظر فيما يدعيه، فإن كنا مما يرى أن مثله يجهله، صدق، وإن كان أتى بما لا يشبه لم يصدق، وألزم الكفارة. وهذا فائدة قولهم: إن هذا ينوّي ولا ينوّي الآخر، أنه يجبر على الكفارة. ولو كان إخراج الكفارة إليه إذا ادعى ما لا يشبه، لم يكن للتفرقة وجه، وهذا القول هو الأصل في الحقوق التي لله سبحانه في الأموال؛ كما قيل بالجبر على الزكاة.
أما تعددها بتعدد الأيام فظاهر، وأما اليوم الواحد إذا كرر الإفطار قبل إخراج الكفارة فلا تتعدد اتفاقاً وأما بعد التكفير، فقال ابن عطاء الله: المعروف من مذهبنا أنه لا