للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَشْكَلَ [١٦/أ] القرافيُّ في قواعده القولَ بطهارةِ كلِّ عضوٍ بانفرادِه، قال: لأن المنعَ يَتعلق بالمكلَّفِ لا بالعضوِ، فالمكلفُ هو الممنوعُ من الصلاة، لا أن العضوَ هو الممنوعُ من الصلاة، والمنعُ في حقِّ المكلفِ باقٍ ولو غسل جميع الأعضاء إلا لُمْعَةً واحدةً. وأطال في ذلك فانظره.

وَمِنْهُ لابسُ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ قَبْلَ غَسْلِ الأُخْرَى عِنْدَ قَوْمٍ

أي: ومن هذا الأصل اختُلف فيمن غسل رجلَه اليُمنى وأدخلها في الخُفِّ، ثم غسل اليسرى فأَدْخَلَها: هل يسمحُ أم لا؟ فإن قلنا: إن الحدثَ يرتفع عن كل عضوٍ بالفراغ منه– مَسَحَ وإلا فلا. وأنكر ابنُ العربي أن يكون هذا أصلاً أو فرعاً في المذهب، وشنَّع على مَن ذهب إليه، وبَنَي الخلافَ في هذه المسألةِ على أن الدوامَ كالابتداءِ أَوْ لا. وإلى هذا أشار المصنف بقوله: (عند قوم) أي: يُفهم منه أنه عند قوم آخرين ليس كذلك.

وَأَمَّا خِلافُ الْقَابِسيَّ وَابْنَ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ أَحْدَثَ قَبْلَ تَمَامِ غَسْلِهِ ثُمَّ غَسَلَ مَا مَرَّ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَلَم يُجَدِّدْ نِيَّةً فَالْمُخْتَارُ: بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالابْتِدَاء أَوْ لا، وَظَاهِرُهَا لِلْقَابِسِيِّ ...

يعني: أن الشيخين القابسي وابن أبي زيد اختلفا فيمن أَحْدَثَ أثناءَ غسلِه بمَسِّ ذَكَرِه أو غيرِه، هل يجب عليه تجديدُ النيةِ إذا غَسَلَ أعضاءَه؟

فقال ابن أبي زيد: يجب عليه التجديد، وإن لم يجدد لَمْ يُجْزِهِ ذلك عن وضوئه. وقال القابسي: يجزئه.

وأَجْرَى هذا الخلافَ على الأصلين المتقدمين. واختار المصنفُ إجراءَه على أن الدوامَ كالابتداءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>