يعني: أن مفسد الاعتكاف إذا فعل على سبيل العمد مبطل لجميع الاعتكاف لأنه لما كانت سنة التتابع تنزل بذلك منزلة العبادة الواحدة، فذلك يفسد كله بفساد جزئه.
قوله:(وبِغَيْرِهِ) أي فإن لم يكن عمداً، بل كان سهواً أو غلبة فإنه يجب القضاء متصلاً بآخره. وظاهر كلامه أن القبلة والمباشرة بل والوطء سهواً مما يقضي فيه ويبني، وليس كذلك؛ ففي المدونة: إن جامع في ليله أو نهاره ناسياً أو قبل أو باشر أو لامس فسد اعتكافه وابتدأه. وأما إن أفطر لمرض فإما أن يكون في نذر أو نفل. قال في المقدمات: والنذر في الاعتكاف على وجهين: أحدهما أن ينذر اعتكاف أيام بأعيانها، والثاني: أن ينذر أياماً بغير أعيانها، فالأول لا يخلو أن تكون من رمضان أو من غيره، فإن كانت من رمضان، فعليه قضاؤها إن مرضها كلها لوجب قضاء الصوم عليه. وإن مرض بعضها قضى ما مرض منها، ووصله، فإن لم يصل، استأنف، سواء كان مرضه من أولها قبل دخوله فيها أو لا.
وكذلك إن أفطر ساهياً، وأما إن أفطر فيها متعمداً من غير عذر فعليه استئناف الاعتكاف مع الكفارة لفطره في رمضان. وإن كانت من غير رمضان فمرضها كلها أو بعضها فثلاثة أقوال: أحدها: عليه القضاء مطلقاً على رواية ابن وهب في الصوم، الثاني نفى القضاء مطلقاً؛ وهو مذهب سحنون. والثالث: التفرقة بين أن يمرض قبل دخوله في الاعتكاف فلا يلزمه قضاء وبين أن يمرض بعد دخوله فيلزمه؛ وهو مذهب ابن القاسم في المدونة على تأويل ابن عبدوس.
واختلف إذا أفطر فيه ساهياً على قولين، أحدهما: لا قضاء عليه وهو مذهب سحنون، والثاني: عليه القضاء بشرط الاتصال، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة.