للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال غيره:/

يا أيها الزاري على عمر قد قلت فيه غير ما يعلم

وأما أزريت به فمعناه: قصرت به وتنقصته، كما قال ذو الإصبع:

أزرى بنا أننا شالت نعمتنا فخالني دونه بل خلته دوني

أي قصر بنا. ومستقبله: يزري بضم الأول. وفاعله: مزر، بكسر الراء. ومفعوله: مزرى به. والمصدر: إزراء، على إفعال. وإنما بني هذا على أفعل، بالألف؛ لأنه نقل فعله بالهمزة، وأدخلت الباء فيه للإلصاق، فعدي به؛ لأنه لا يتعدى، واستغني عن "على" بالباء، لما تغير من معناه. ولو كانت حروف الجر يعاقب بعضها بعضا، لجازت الباء وعلى في الوجهين جميعا، كما تقوله العامة.

وأما قوله: جن عليه الليل، وأجنه الليل، فإن معنى جن كمعنى ستر أو غطى؛ وهو يجن، بكسر الجيم. ومصدره: الجنان والجن، والجنون، على فعول؛ لأنه لا يتعدى. وفاعله: جان. ومفعوله: مجنون. وكل ساتر يستتر به، فهو جان؛ ولذلك سميت الجن جنا، لاستتارها. والجنين: الولد في بطن أمه أيضا كذلك، على فعيل بمعنى مفعول؛ إلا أن قولهم: جن الليل فيه معنى: أتى الليل؛ فلذلك عدي بعلى، فقيل: جن عليه الليل، كما يقال أتى عليه الليل. وكل ما عدي بحرف جر جاز أن يعدى بألف النقل؛ لأنهما حرفان متعاقبان، يجيئان لنقل الفعل وتعديته؛ فلذلك قيل: أجنه الليل؛ أي ستره الليل، فعدي بغير حرف جر. وهذا الباب كله من باب فعل وأفعل، باختلاف المعنى. ولا معنى لإفراده هذه الحروف عن باب أفعل، إلا أن بعضها قد جاء منه وجه واحد، ولم يجيء الوجه الآخر،/ للاستغناء عنه، مثل قولهم: سخرت منه وهزئت به، فإنه لم يجئ منهما أسخرته ولا أهزأته. وقد جاءت تهزأت واستهزأت وربما جاء تَفَعَّلت وافتَعَلت واستفْعَلت

<<  <   >  >>