للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: شب الصبي يشب شبابا وشبيبة، وشب الفرس يشب شبابا وشبيبا، وشب الرجل الحرب والنار شبوبا وشبا، فإن معنى جميع ذلك يرجع إلى أصل واحد، وهو ارتفاع الشيء ونموه، ولكن فرق بين تصاريف أفعاله للتفرقة بين الفاعلين منها وبين المفعولين أيضا فقيل في السبي: شب يشب بكسر العين من المستقبل؛ لأنه بمعنى نمى ينمى. وجعل مصدره: الشباب، مثل النماء، على فعال كالذهاب والمضاء؛ لأنه يذهب طولا، إذا نمى وارتفع تقول العرب: ذهب طولا، وذهب عرضا؛ إذا جسم وعظم، كما قال الشاعر:

إذا أكلت سمكا وفرضا ذهبت طولا وذهبت عرضا

وقد يستعمل الشباب أيضا جميعا للشاب، كأنهم وصفوه بالمصدر مثل قولهم: عدل ورضي، وقوم عدى. وأما الشبيبة فاسم يستعمل في موضع المصدر بمعنى الحداثة والطراءة،/ على وزن فعيلة مثل: الغريزة والنحيزة والطبيعة وأما شب الفرس يشب فمعناه أنه يقوم على رجليه، ويدفع يديه فرحا، أو صعوبة، وقيل في مصدره: شبابا، بكسر الأول؛ لأنه عيب فيه فأخرج مصدره على مثال العيوب في الدواب كالحران والجماح. وقد قيل أيضا: شبيبا على فعيل مثل النبيب من التيس، والهبيب وأشباه ذلك. فأما شب الحرب والنار يشب، فضم العين من مستقبلهما للفرق بين الحرب والنار، وبين ما تقدم، وإن كان الكسر والضم جائزين في الجميع على ما فسرنا, ولو قيل في مصدر هذا: شبا بفتح الأول وسكون الثاني على الأصل في الفعل المتعدي، مثل: قدحت قدحا لكان جيدا، وربما قيل فيه: شبوبا، على فعول، لأنه في معنى الوُقود، فخرج على مثاله، والشبوب في النار هو: التذكية والإضاءة؛ ولذلك قال امرؤ القيس:

سموت إليها والنجوم كأنها قناديل رهبان تشب لقفال

<<  <   >  >>