للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: أعرض لك الشيء إذا بدا فمعناه أبدى لك عرضه؛ أي عرض بدنه وشخصه، فكنى عن ذلك بالعرض وحده، وبنى على مثال أفعل، إلا أنه عدي باللام؛ لأنه مقبل إليك، وباد لك، والأول منصرف عنك؛ ليفرق بين الفعلين، باختلاف تعديتهما/ بحرفي الجر. ومنه قول التغلبي:

وأعرضت اليمامة واشمخرت كأسياف بأيدي مصلتينا

وأنشد "الخليل":

أعرضت فلاح لها عارضان كالبرد

وأما قوله: عرض الكتاب والجند عرضا، فإنهما بمعنى نشر الكتاب وتلاه وقرأه، وعد الجند ومر بهم عليه، فأبرز له من عرضهما ما كان محجوبا، فكنى عن ذلك بقوله عرض؛ لأنه جمع حروف العرض، وبناء الفعل. وعرض الشيء بعد شخصه، فأقيم مقامه، كما يقال ظفرت يداه، وقرت عيناه، فيخص بعضه بذلك، وإنما الظفر والقرة لجميع البدن والنفس، وبنى هذا على فعل يفعل فعلا، وعدى بنفسه للفرق بينه وبين الأولين، ومنه قولهم: عرضت المتاع والرقيق وكل سلعة على البيع، وعلى المبتاع إنما هو إبداء الشيء لطالبه.

وأما قوله: عرض الرجل عرضا، فهو من باب الانتقال من حال إلى حال، كأنه أراد معنى ما كان عريضا، ولقد عرض، أي صار عريضا، فهذا المعنى لا يكون بضم الثاني من الماضي والمستقبل، ولا يكون اسم فاعله إلا على فعيل، كما قدمنا شرحه. ومصدره: العرض، بكسر الأول وفتح الثاني؛ ليخالف ما تقدم؛ ولأنه في معنى غلظ يغلظ غلظا. ومصادر هذا النحو تجيء على ضروب مختلفة منها: فعل كالسمن والغلظ، ومنها فعل كالسرع، ونحو ذلك؛ لأنها أمثلة تجيء بمعنى الانفعال ومعنى المبالغة.

<<  <   >  >>