للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: تقول شرعت لكم شريعة في الدين، وأشرعت بابا إلى الطريق إشراعا، وشرعت الرمح قبله، وشرعت الدواب في الماء تشرع شروعا، وأنتم في هذا الأمر شرع: سواء وشرعك من رجل زيد، أي حسبك، وشاعر شرعك أي حسبك؛ فإن قوله: شرعت لكم شريعة في الدين معناه: نصبت لكم وأوضحت وأظهرت؛ وهو من الطريق الشارع، وهو البارز الظاهر، ومنه مشارع الماء جمع المشرعة، وهو فعل يتعدى، قال الله عز وجل: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وصَّى بِهِ نُوحًا)، ويقال معنى شرع لكم من الدين: أي مثل لكم، وماضي هذا الفعل ومستقبله مفتوحان من أجل حروف الحلق. وفاعله: شارع، ومفعوله: مشروع، ومصدره: الشرع، بسكون الراء، على فعل. فأما الشريعة فاسم لما يوضع من الدين، وليس بمصدر، وكان يجب أن يذكر هذا.

وأما قوله: أشرعت بابا إلى الطريق، على أفعلت بالألف، فمعناه: أخرجت بابا وأبرزت بابا اشرعه إشراعا، وشرع الباب نفسه فهو شارع، وهو فعل منقول، وكذلك قوله: أشرعت الرمح قبله، إذا أملئه إليه، ويجوز نحوه وقد شرع الرمح نفسه فهو شارع، وقد جاء في لغة أخرى: شرعت الرمح نحوه والسيف، بغير ألف، وانشد الخليل:

أناخوا من رماح الحظ لما رأونا قد شرعناها نهالا

وقال آخر:

غداة تعاورته ثم بيض شرعن إليه في الرهج المكن

وكذلك أشرعت الدواب في الماء إشراعا، بالألف؛ لأنه فعل منقول، وقد شرعت/ الدواب أنفسها، إذا تناولت الماء بأفواهها من المشرعة فهي شارعة وشروع، كما قال الشماخ:

يسد به نوائب تعتريه من الأيام، كالنهل الشروع

<<  <   >  >>