للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن الخَدْعة ليست بلغة قوم دون قوم، بل هي كلام الجميع. وإنما هي المرة الواحدة؛ فلذلك فتحت. وأما الخدعة، بالضم: فالحيلة التي يخدع بها، كما يقال لعبة، لما يلعب به، وهزأة، لمن يهزأ به. وليست بلغة بل هي كلام الجميع. وقد افتتح هذا الباب بقوله: هو فكاك الرهن، يعني بفتح الفاء، وكان يجب أني يفرد ما كان على مثال فعال، بفتح الفاء، مما تلحن فيه العامة في باب واحد، كما بدأ في أول الكتاب بالأمثلة، ولكنطال عليه ذلك.

وكذلك قوله: هو حب المحلب، بفتح الميم، كان يجب أن يرفد بابا لكل ما كان على وزن مفعل، بفتح الميم، مما تلحن فيه العامة، لا يخلطه بغيره، مما ليس مثله، وكذلك قوله: عرق النسا، يعني بفتح النون، كان حقه أن يذكره في باب ما كان من المقصور/ على فعل، بفتح الفاء، مما تلحن فيه العامة. وكان يجب أولا عليه أن يبين أن "النسا" هو العرق نفسه بعينه، وليس بشيء ينسب العرق إليه؛ فإن عرق النسا من غلط العامة، كما تخطئ في قولها: عرق الأكحل، وعرق القيفال، ونحو ذلك؛ فتضيف العرق إلى اسم العرق، ولا يجوز ذلك؛ لأنه إضافة الشيء إلى نفسه. وإنما الصواب أن يقال: هو القيفال، وهو الأكحل، وهو النسا؛ لأن النسا اسم العرق الذي يمتد من الورك إلى الساق. وقال في ذلك امرؤ القيس:

فأنشب أظفاره في النسا فقلت هبلت ألا تنتصر

فقال في النسا، ولم يقل في عرق النسا. والعامة تكسر النون من النسا، وهو خطأ. وقال أبو داود:

وقصرى شنج الأنساء نباج من الشعب

وأما الملحب فأصله مصدر من قولك: حلب يحلب محلبا، كما يقال: ذهب يذهب مذهبا، وأخذ يأخذ مأخذا، فأضيف الحب الذي يفعل به هذا الفعل إلى مصدره، فقيل:

<<  <   >  >>