للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: الفقر، يريد بالفتح فإن العامة تقوله بالضم والفتح جميعا؛ وليس الضم فيه بخطأ، ولكنه بمنزلة ما فيه الفتح والضم، كالضَّر والضُّر، والجَهد والجُهد، والضَعف والضُعف، والشَّرب والشُّرب، وهو في معنى البؤس والعدم والعسر أيضا. وضده مضموم، وهو: الوجد والوسع. وقد قدمنا شرح فَعْل وفُعْل.

وأما قوله: تقول هذا طعام في نزل؛ فإن النزل: البركة والفضل والكثرة. والعامة تقول: النزل بضم النون، وسكون الزاي، وليس ذلك بخطأ. وقد رواه "الخليل" وهو في معنى قولهم: طعام له ريع. ومن هذا سميت/ الأنزال التي تقام للجند وغيرهم. وواحدها: نزل، بالضم، لا يفتحه أحد. وأما في الخط فإنه لا يقال؛ إلا بفتحتين: نزل. يقال: خط له نزل، وهو نزل. وفعله: نزل ينزل نزلا، وقد نزله كاتبه تنزيلا؛ أي قارب بين حروفه وجمعها، وهو مأخوذ من هذا؛ لكثرة ما يدخل فيه من الكلام.

وأما قوله: هو أبين من فلق الصبح، وفرق الصبح، فإنه يعني بهما عمود الصبح، الذي ينفلق وينفرق في ظلمة الفجر، فيلفلق الليل ويفرقه، كما فرق الله عز وجل البحر لموسى [عليه السلام]، وقال عز وجل: (وإذْ فَرَقْنَا بِكُمُ البَحْرَ) ومنه قوله [تعالى]: (فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ). وفلق الصبح وفرقه، بفتح الثاني جميعا، وهما اسمان للعمود جميعا، وليسا بمصدرين، ولو كانا مصدرين لكان ثانيهما ساكنا، كما يقال: فلقت الشيء فلقا، وفرقته فرقا.

وأما قوله: هو الشمع والشعر والنهر وإن شئت أسكنت ثانيه، فإن العامة تسكن ثاني هذا كله. والفصحاء من العرب، وأهل اللغة، وأكثر النحويين يزعمون أن الفتح والإسكان إنما جاز فيه من أجل حروف الحلق؛ لأنها حروف مستعلية، ففتحها أبين لاستعلائها. وقال الحذاق منهم: ليس ذلك من أجل حروف الحلق، ولكن هذه كلمات فيها لغتان؛

<<  <   >  >>