فمن سكن من العرب لا يفتح، ومن فتح لا يسكن، إلا في ضرورة شعر. والدليل على ذلك: أنه قد جاء عنهم مثل ذلك في كلام كثير، ليس فيه شيء من حروف الحلق مثل: القبض، والنفض؛ فإنه جاء فيهما الفتح والإسكان، ولذلك قال "ثعلب" ههنا: قد دخل هذا في القبض والنفض. والنفض: ما نفضت من الورق. والمصدر منهما ساكن: القبض/ والنفض. والقبض بالفتح: المقبوض من المال وغيره. وقالوا: خبط الورق يخبط خبطا، بالسكون. والخبط بالفتح: ما عجن من الورق مع النوى أو غيره، وليس حرف الحلق إلا في أوله. وقد بين "ثعلب" العلة في هذين في الفتح والتسكين فجعل التسكين علامة المصدر، والفتح علامة اسم الشيء المقبوض. وكذلك ما ذكرنا من الخَبْط والخَبَط. وليس الساكن والمتحرك في شيء منها من الحلق. وكل كلمة مثل ذلك، يجوز في مصدرها واسم مفعولها من التسكين والفتح ما جاز في هذه من غير أن يكون فيها حرف حلق، ومما يدل على بطلان ما ذهبوا إليه أنه قد جاء في "النطع" أربع لغات؛ فلو كان ذلك من أجل حرف الحلق، لجازت هذه الوجوه الأربعة في الشعر والنهر، وفي كل ما كان فيه شيء من حروف الحلق.
وأما قوله: هو قليل الدخل، فهو بمنزلة قولهم: قليل الدغل، يقال: هذا أمر فيه دخل ودغل، واختار "ثعلب" فيه فتح الخاء في الدخل. وأجاز "الخليل" فيه السكون والفتح جميعا. ومن أجاز في مثل "النهَر والشعَر" السكون والفتح، لزمه إجازتهما في "الدخل" أيضا، لما تعلق به من علة حروف الحلق. وقال "الخليل": الدخل: عيب في الحسب، وأنشد في ذلك:
رفدت ذوي الأحساب منهم مرافدي وذا الدخل حتى عاد حرا سنيدها
والدخل: كل ما انستر عن الناس من الإنسان. وقالت ابنة الخس:
ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما "الدخل"
وأما قوله: لا أكلمك إلى عشر من ذي قبل، حكاه بفتح القاف. والعامة تقوله بكسر القاف. وقد/ حكى "الخليل" ذلك بالكسر، وزعم أن القبل يكون بمعنى