ألا أبلغا هاروت عني رسالة وماروت أن قد جاء ما تريان
وأن عتاق الطير يسقط نورها على علبة الهلباجة الأليان
فوصف الرجل بصفة الكبش، على فعلان، كما يقال رجل زفيان وصميان، على الاستعارة، ولم يقولوا في الكبش أليان، بسكون اللام على فعلان؛ ولذلك قالوا في النعجة أيضا أليانة، بفتح اللام على فعلانة، ولو قيل في الكبش أليان، بسكون اللام، لقيل في النعجة أليا، مقصورة الألف على وزن فعلان وفعلى مثل سكران وسكرى، وكان قياسا ولكن قد قيل في صفة الرجل آلي على مثال أعمى، ولم يقولوا في المرأة ألياء على فعلاء مثل عمياء، واستغنوا عن ذلك بقولهم: عجزاء، ولم يقولوا رجل أعجز؛ لأن الرجل لا ينعت بكبر العجز كما لا تنعت المرأة بالألية، وإنما ينعت بها الكبش.
وأما قوله: الحرب خَدعة، هذا أفصح اللات، ذكر لي أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أكثر الكلام في هذا ضم الخاء، وقد روي فتحها عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن ليس ذلك لأنه كما ذكر ثعلب أنه أفصح اللغات، ولا أنها لغة النبي عليه السلام ولكن الفتح علامة للمرة الواحدة في هذا، وفي كل مصدر مثله، يقال: خرجت خرجة ودخلت دخلة، وركعت ركعة وأكلت أكلة، أي مرة واحدة، فإذا ضموا جعلوه اسم ما يخدع به، كما يقال للتي يلعب بها: لعبة، ولما يؤكل: أكلة، والخدعة أيضاً من الناس الذي لا يزال يخدع. والخدعة، بفتح الدال: الرجل الخداع، والخدعة بفتحتين جمع الخادع. وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بفتح الخدعة: المرة الواحدة من الخداع، وليس فيها/ شيء من اللغات، بل كل العرب لغتهم النطق بجميع ما وصفنا في مواضعها.
وأما قوله: هي الأنملة، لواحدة الأنامل، وقد يجوز بالضم، وموضع يقال له: أسنمة؛ فإن النملة فيها لغتان، حكاهما "الخليل" و"سيبويه" فتح الميم وضمها. وأما أسنمة اسم موضع بعينه فلم يرو فيها عن العرب غير الضم. وقد جعلها "ثعلب" مثل الأنملة يجوز فيها الفتح، ولم يرو أحد بيت زهير الذي فيه ذكرها بغير الضم، وهو قوله:
ضحوا قليلاً، على كثبان أسنمة ومنهم بالقسوميات، معترك