والمعنيان يرجعان إلى أصل واحد في الاشتقاق؛ لأن خلة المودة والنبات يورثان الهم والهزال عند فقدهما.
وأما قوله: الجمة من الشعر، والجمة أيض: القوم يسألون في الدية، وجمة الماء اجتماعه؛ فإن معاني ذلك كله من أصل واحد، وهو الكثرة والاجتماع، من قولهم: له مال جم، أي كثير؛ فجمة الشعر، بالضم: ما/ كثف واجتمع، ولم يطل والجميع: الجمم. والجمة أيضا من الناس: العصبة الكبيرة الجتمعة، على أي حال كانوا من الخصومة والقتال أو النجدة أو غير ذلك، وإن لم يسألوا في دية ولا في غيرها. ولا معنى لتخصيصه من يسأل في الدية بذلك. وكذلك المفتوحة؛ وهي جمة الماء، أي ما يجتمع منه في العين أو البئر أو يكثر، وفتحت للدلالة على المرة الواحدة من قولهم: جمت البئ جمة، وضمت الأوليان لما بينا؛ من معاني الفعلة كالعصبة والغرفة ونحوهما، وللفرق بينهما.
وأما قوله: ما بها شفر، أي أحد، وشفر العين بالضم؛ فإن الشفر، بالفتح في قول "الخليل": جمع الشفرة، وهي السكين العريضة، كما يقال تمرة وتمر؛ فكأن المعنى، ما بها حديد، ويحتمل أن يكون المعنى: ما بها ذو شفر، أي صاحب شفر، أي ما بها ذابح أو قاطع. وإنما الشفرة الواحد، فلذلك فتحت، فأما الشفر، بالضم فهو حرف الجفن من العين الذي ينبت عليه الهدب، وضم أوله؛ لأنه كالعضو والسقع، وما أشبههما في المعنى. والكلمتان جميعا من أصل واحد، وهو الحرف والحد من كل شيء. ومنه شفر المرأة، وشفر المشفر، وهوحرفه. ولا ينكر أن يقال: ما بها شفر، بالفتح أيضا، على معنى ما بها عين تطرف، فيكون الشفر هو الشفر بعينه؛ لأنه حد الجفن وحرفه، ولكنه غير مستعمل.
وأما قوله: وجئت في عقب الشهر، إذا جئت بعد ما مضى، وجئت في عقبه، إذا جئت وقد بقيت منه بقية؛ فإن عقب الشهر، بالضم، إنما يقال إذا مضى الشهر كله،