وأما قوله:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وما رابك من بني فلان، وما أربك إلى هذا، أي ما حاجتك. وقد أراب الرجل إذا جاء بريبة؛ فإن قوله: ما يريبك، من الريبة، ومعناه: دع ما فيه ريبة، وما ترتاب به، أي لا ظنة فيه ولاشبهة. وهو كلام مختصر، يقول: رابني الشيء فهو يريبني، على فعل يفعل. والمصدر: الريبة: وكذلك قوله: ما رابك من بني فلان، معناه: أي شيء رابك، من الريبة أيضا، أي ما هذا الذي كرهته منهم.
وأما قوله: وما أربك إلى هذا، فليس من هذا الباب ولا هو من الريب، ولكنه مهموز الأول، بهمزة أصلية. والأرب: الحاجة، يقول: لي فيه أرب، ولا أرب لي فيه. ومنه قول الله عز ذكره:(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ). وليس هذا موضع ذكر هذه الكلمة.
فأما قوله: قد أراب الرجل، إذا جاء بريبة، وهو على/ أفعل، من راب يريب غيره، وأراب هو، أي دخل في الريبة. وقال الشاعر:
أخوك الذي إن ربته قال إنما أربت وإن لاينته لان جانبه
أنشدناه أبو العباس "المبرد" وقال: روى البصريون عن "شبيل بن عزرة الضبعي"- وكان عالما بشعر المتلمس الضبعي- أنه روى هذا البيت للمتلمس، وزعم "بشار الأعمى" أنه قاله، وأن "شبيلا" كذب عليه. وقد حكى أربته، متعديا إلى الهاء، بمعنى ربته، وهو لغة رديئة، ويروى لأبي ذؤيب الهذلي: