للأنصار:"إنكم سترون بعدي أثرة" أي سيؤثر عليكم غيركم. ومنه قولهم: آثرت الشيء أوثره إيثارا، مثل: اخترته اختيارا، وقدمته على غيره.
وأما قوله: ما يحلى وما يمر، فإنه من الحلو والمر، تقول: حلا الشيء نفسه وأحره غيره إحلاء، أي: جعله جلو. وحلاه يحليه أيضا. وقد مر الشيء نفسه وأمره غيره إمرارا، أي صيره مرا. ومرره أيضا يمرره تمريرا. قال زهير:
وقد كنت من سلمى سنين ثمانيا على صير أمر ما يمر وما يحلو
فقال "يحلو" لأنه جعل الفعل لازما، ولم يعده ضرورة، ويستعار هذا في غير الحلو/ والمر. ويقال: كلمته، فما أمر وما أحلى، أي ما أجابني بحلوة ولا مرة.
وأما قوله: خذ ما صفا ودع ما كدر، فإن يريد بكسر الدال من الماضي. والعامة تقول ذلك بفتح الدال، كأنه إتباع، وهو خطأ؛ لأن فعله على فعل يفعل فعلا ومصدره مفتوح الدال، يقال: كدر عليه عيشه يكدر كدرا وكدورة على فعولة أيضا والشيء كدر وأكدر. وكذلك الماء واللون وغيرهما. والكدرة في اللون خاصة على فعلة، كالصفرة والحمرة.
وأما قوله: ما هم عندنا إلا أكلة رأس؛ فإن هذا يقال عند استقلال عدد القوم, والأكلة جمع: الآكل؛ فإن هذا يقال، مثل كاتب وكتبة، وفاعل وفعلة. والرأس أكثر ما يجمع على أكله ثلاثة، وقد يأكله الاثنان والواحد، والعامة تقول: أكلة رأس، بسكون الكاف، وهو خطأ؛ لأن الأكلة: الأكل نفسه مرة واحدة.