للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: بأسنانه حفر وحفر، يعني بفتح الفاء وسكونها، فإنهما لغتان مثل شعْر وشعَر، ونهْر ونهَر، وليس ثانيه ولا ثالثه من حروف الحلق، كما بيناه في المتقدم. والمعنى في الحفر والحفر مختلف؛ لأن الحفر بسكون الفاء مصدر فعل متعد، وهوحفره يحفره حفرا، فكأن الذي حفر أسنانه إنما هو كبر السن أو دوام القلح، أو آفة لحقتها. وأما الحفر، بالفتح، فمصدر قولهم: حفرت سنه تحفر حفرا، وهذا الفعل غير متعد، والأول متعد،/ كأن الثانب بمعنى الانفعال، وكل واحد منهما جيد في معناه.

وأما قوله: تقول درهم زيف، وزائف؛ فإن العامة تقول: زيف بغير ألف طلبا للخفة وإنما الزيف مصدر قولك: زاف يزيف زيفا من الياء. وقد يقال: زاف يزوف زوفا، بالواو. فالزيف على هذا الوجه مخفف من الزيف بتشديد الياء، كما قيل ميّت وميْت، وهين وهين. ويروى في حديث عن عمر- رضي الله عنه- أنه قال: "من زافت عليه دراهمه، فليأت بها السوق وليقل: من يبغني بها كذا وكذا، ولا يحالف الناس عليها". فهذا دليل على الزائف بالألف، وليس الزيف بخطأ. ومعنى قول عمر- رضي الله عنه-: زافت عليه؛ أي بقيت عليه ورجعت إليه، وهو من قولهم: زاف الطائر على أنثاه، إذا دار، وزاف الرجل على تل أو دكان، إذا وضع يده على قرنته ثم قفز فوقه فدار حتى تعود رجله إلى مكانها، وكذلك الدراهم يصرفها صاحبها في حوائجه فتطوف وتؤخذ، ثم ترد فترجع إلى صاحبها.

وأما قوله: وتقول دانِق ودانَق، وخاتِم وخاتَم، وطابِع وطابَع، وطابِق وطابَق كل هذا صحيح جائز، فإن العامة تفتح هذا كله لخفة الفتح، والعرب تكسره وتفتحه. فأما الدانق ففارسي أو نبطي معرب، والنون منه ساكنة، وقافها شبيهة بالكاف فعربتها العرب

<<  <   >  >>