للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبطحة ولا أجرعة ولا أبرقة، كما ذكر "ثعلب" في الحية الأنثى: أسودة، والذي قاله غلط. وإنما سمعوا اسم بئر بالبادية تسمى "أسودة" لأنها بجنب جبل أسود، وليس ذلك يوصف، وإنما هو اسم سميت به، وهذا نعت خالص، وقياسه أن يقال للأنثى: سوادا سالخ، إن عرفت من الذكر، وألا يقال أسودة؛ لأن/ الأسود ههنا، وإن استغنى به عن المنعوت، فقد جرى مجرى النعوت، بمنزلة أحمر وأصفر ونحوهما، مما لا يجوز في مؤنثه أحمرة وأصفرة. وقد قيل للعجم: الحمراء، ولم يقل فيهم أحمرة. وقيل للجماعة: الدهماء، ولم يقل فيهم أدهمة. وقيل للقيد: أدهم، ولا يجوز فيه: أدهمة، إذا عنيت الحلقة. فأما سالخ فنعت ثان تبع النعت الأول، ولم يجر مجرى الاسم، وهو من قولهم: سلخ يسلخ؛ وذلك أن الحية تخرج من جلدها في كل سنة، فتسلخ جلدها، وتخرج منه، كما يخرج الرجل ثوبه عنه، فتبرق عند ذلك ويشتد سوادها، ويسمى جلدها الذي تسلخه: سلخ الحية. ويقال للنبات أيضا إذا سلخ ثم عاد واخضر كله وحسن: سالخ. وسالح إذا أريد به الذكر والأنثى صلح للمؤنث بغير تأنيث، وإن كان على بناء فاعل. وأما ما ذكره من إضافة أسود إلى سالخ فخطأ، كما ذكره؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نعته، وقد أجاز هو إضافة عام إلى الأول، وهو نعته، وإن كان معرفا بالألف واللام. وامتنع ههنا من مثل ما أجازه. والحية مما لا يعرف ذكره من أنثاه. وإنما الحية اسم مؤنث يقع على الذكر، كما يقع على الأنثى، فكما غلب التأنيث على الاسم كذلك غلب التذكير على النعت لهما جميعا، واستغنى بالنعت عن الاسم فيهماجميعا، وإن عرفت الأنثى فقياسها ما قدمنا، وإن لم تعرف لم يجز فيها إلا أسود سالخ.

وأما قوله: ما رأيته مذ أول من أمس، فإن أردت يومين قبل ذلك قلت: ما رأيته مذ أول من أول من أمس، ولم تجاوز ذلك؛ فإن قوله: ما رأيته مذ أول من أمس معناه:

<<  <   >  >>