للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحن في المشتاة ندعو الجفلى لا ترى الآدب فينا ينتقر

ويقال: نقرت الدرهم بإصبعي، ونقرت أنفه. والمغني ينقر الدف بإصبعه. والرجلان يتناقران، أي يتخاصمان. والقوم يتناقرون أيضا، أخذ ذلك من نقار الطائرين بمناقيرهما في قتالهما، وهكذا يتصرف النقد في وجوه كثيرة منها النقد في البيع، وذلك لا يكون بنسيئة. والناقد: الصيرفي الذي ينقد الدراهم بإصبعه وينتقدها. ومنه قولهم للحية، إذا لسعت، والعقرب والزنبور، وقد نقدته الحية، وكل هذا دليل لما قلنا.

وأما المنسر في الصائد من الطير كالصقر والبازي، وما أشبههما، فمخالف أيضا للمنقار في جميع معانيه، وفي صورته وفعله؛ لأنه أصلب من المنقار، وهو أعقف معوج منكس الطرف حاد كالفأس ولا ينقر الحب ولا يلتقطه. وإنما سمي منسرا؛ لأنه ينسر به اللحم نسرا، أي ينتفه نتفا، وينثره نثرا، ويقلعه؛ ولهذا سمي النسر من النسور نسرا؛ لقوته وشدة نسره، وبه سمي اللحم الصلب الذي يكون في باطن الحفر نسرا؛ لصلابته ويبسه، ويسمى كوكبان بالنسرين: أحدهما يقال له الطائر تشبيها بالطائر، والآخر الواقع تشبيها بالواقع، فهذا كله مما يدل على أن هذه الأسماء/ لم تقع على مسمياتها؛ ليفرق بها بين بعضها وبعض، ولكن سميت بها مسميات مختلفة الخلق والصور والمعاني والأفعال، كاختلاف أسمائها المستقة لها من أفعالها، وليست هذه الأسماء لشيء واحد من الأعضاء كما يتوهم "أهل اللغة". بل على ما يوجبه العقل والقياس في التسميات ويصح به المعنى والاشتقاق. وهذا دليل على سائر ما ذكروا من الفروق في كتب "الفرق" في سائر أعضاء الحيوان وغيرها.

وأما قوله بعد ذلك: وهو الظفر من الإنسان، ومن ذي الخف المنسم، ومن ذي الحافر: الحافر، ومن ذي الظلف: الظلف، ومن السباع والصائد من الطير: المخلب،

<<  <   >  >>