وأما قوله: زررت عليّ قميصي، فمعناه: شددت زره بعروته. وقوله: ازرر عليك قميصك، أمر بذلك، بغير ألف. والعامة تقول: ازررت القميص، بالألف، وهو خطأ؛ لأن مفعوله: مزرور، ومصدره الزر، ومستقبله بفتح حروف المضارعة، وضم الثالث، أو كسره، ولكن يجوز إذا أردت أنك جعلت للقميص أزراراً أن تقول: أزررت القميص إزراراً، فأنا مُزِرّ وهو مُزَرّ والزر والعروة معروفان؛ فلذلك لم يفسرهما. وأما قوله في الأمر: زُرَّه وزرُّه وزُرِّه، مثل مدَّ ومدُّ ومدِّ؛ فإن الفعل الثلاثي المضاعف، إذا كان ثانيه في المستقبل مضموماً، مثل يمد ويرد، فإن الأمر منه يجوز فيه ثلاث لغات: إحداها أن تقول: مد يا هذا. ورد، بفتح المدغم؛ لئلا يجتمع ساكنان، ولأن الفتح/ أخف الحركات. وأن تقول: مُدُّ ورُدُّ؛ فتضم المدغم، على ضمة ما قبله؛ لتتبع الضمة الضمة، فتكون الحركتان من جهة واحدة. وأن تقول: مُدِّ ورُدِّ؛ فتكسر المدغم؛ لأن الكسر هو حركة الساكنين إذا اجتمعا في الأصل. وهذا أضعف الأوجه الثلاثة؛ لأن المدغم ثقيل، يهرب من كسره إلى الفتح؛ إلا أن تتبع حركة حركة، فلذلك أتي في زُرَّ ثلاث لغات. ولم يكن هذا من هذا الباب في شيء، ولكنا فسرناه لذكره إياه فيه.
وأما قوله: نشدتك الله أنشدك، فمعناه: سألتك بالله، أو أنا أسألك، ويدل على ذلك قولهم: نشدت الضالة، إذا سألوا عنها بغير إلف. ومستقبله: أنشد، بضم الشين. وفاعله: ناشِد. ومصدره: النِشدة، في هذا المعنى خاصة ويروي أن رجلاً نشد ضالته في مسجد رسول الله صلى الله عليه ورفع صوته فقال له النبي صلى الله عليه:"أيها الناشد، غيرك الواجد". فهذا كله يدل على أن نشدت الضالة، بغير ألف. والعامة تقول: أنشدت بالألف، وهو خطأ. إنما يجوز ذلك في إنشاد الشعر، وفي تعريف الضالة