جعل فكأن/ الكلاب إذا طلبت السفاد صارت كالماء المجعل في قذره ونتنه وصارت كالجعلان في لهجها ولزومها للروث ولججها في دحرجته.
وأما قوله بعد ذلك: قالوا: مات الإنسان، ونفقت الدابة، وتنبل البعير والنبيلة: الجيفة. وقال "ابن الأعرابي": وتنبل الإنسان أيضا وغيره، ومات يصلح في ذلك كله؛ فإنه قد خص الإنسان بالموت، وهو عام في كل شيء كما قاله ابن الأعرابي. ويقال ذلك في الحيوان والنبات والحجارة. وهو في وجه خروج الروح والنفس من البدن، وفي وجه الكفر من الكافر، وفي وجه الجهل من الجاهل، وفي وجه شدة الهم والغم في القلب، وفي وجه عمى القلب، وبلادة صاحبه وفي وجه تعطل الدار من سكانها، وفي وجه خراب الأرض، وفي وجه يبس الشجر والنبات، وفي وجه كساد السلعة، وفي وجه انطفاء الناء والمصباح ونحوه، وهو متصرف في وجوه كثيرة؛ لقلة التباسه واعتياده.
وزعموا أن "الأصمعي" أنكر قولهم: ماتت النخلة. وقال: العرب لا تقول هذا في النخل، ولا في شيء من الشجر، وليس كما قال. وقد أجاء "الخليل" ذلك، ورواه عن العرب، وذكر من وجوه الموت أشياء كثيرة، واحتج فيها بالقرآن، وكلام رسول الله- صلى الله عليه- وقال: الموت خلق من خلق الله، لقوله [تعالى]: (الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ والْحَيَاةَ) فالحياة ضد الموت في كل شيء، والفعل من الموت يتصرف على فعل يفعل، بفتح الماضي وضم المستقبل، يقال: مات يموت موتا، فهو مائت وميت، فالميت [أصله] ميوت، على وزن فيعل، بكسر العين، وأصله الفتح، ولكن قلبت الواو من أجل الياء التي قبلها، وأدغمت مع الياء، ثم كسرت؛ ليخالف بينها وبين فعيل من الصحيح، نحو صيقل وجيدر، وقد يخفف بحذف الياء المبدلة، لثقل التشديد والكسرة، فيقال: ميت في ميت،/ وهين في هين، ونحو ذلك؛ فهذا مذهب البصريين. وزعم غيرهم أنه كان أصل