وهو أيضا النفق، ومن النفق أيضا: السرب في الأرض، يخرج منه الهارب إلى غيره. ومنه قول الله- تعالى ذكره-: (فَإنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ). وسمي المنافق منافقا؛ لإظهاره الإسلام وخروجه منه سرا. وكل من فعل ذلك في معاملة أو غيرها فهو منافق. ومن هذا نفاق السلعة، وهو خروجها إلى البيع، ونفاق السوق: كثرة المبايعة فيها وسرعتها ومن هذا سميت نفقة الإنسان، وهي ما يخرج عنه من المال في الحوائج ويفنى. يقال: قد أنفق ينفق إنفاقا، وكذلك ما يخرجه في سبيل الله ومرضاته، كما قال [تعالى]: (أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ). وقال [تعالى]: (ولا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً) وكذلك خروج الروح من بدن الدابة: نفوق.
وأما قوله: تنبل البعير، فخص به "أحمد بن يحيى" البعير، ثم قال: والنبيلة الجيفة. والجيفة تكون من الإبل وغيرها. ثم حكى عن "ابن الأعرابي": تنبل الإنسان وغيره إذا مات، وهو مأخوذ من النبل، وهي الحجارة. وفي الحديث:"أعدوا النبل" يعني حجارة الاستنجاء، وهي العظام منها عندنا. ووحدتها نبيلة. وبعضهم يروي:"أعدوا النبل" بضم النون، ويجعل واحدتها: نبلة. والدليل على أنها العظام أن الجيفة تسمى باسمها؛ لانتفاخ الجيفة وعظم بدنه، وأن البعير عظيم. وقد خص بالتنبل. ويجوز أن تكون الجيفة النبيلة لخروج الروح عنها، وأنها صارت مواتا، بمنزلة الحجارة. وقولهم: تنبل إنما هو تفعل من النبيلة ومن النبل. وزعم "أبو عبيد" أن "النبل" في حديث الاستنجاء: الحجارة الصغار وأنه من الأضداد أيضا، واحتج بقول الشاعر: