/ وهذا غلط من كل من قال به؛ لأن الحجارة الصغار لا يمكن الاستنجاء بها؛ لأن الصغير يعجز عن القبض على بعضها، والاستنجاء ببعضها، وأصغر ما يستنجى به أن يكون مقداره ما يتمكن القابض عليه بثلاث أصابع، ويستنجى منه ثلاث مرات بثلاث قرن، وإلا لطخ يده وجسده، وإذا كان هكذا لم يجز أن يكون صغيرا، وإن كان في الحجارة أكبر منه. والبيت الذي احتج به "أبو عبيد" شاهد للعظم لا للصغر. وذلك أنه إنما عنى بالنبل فيه المسان من الأبل الكبار الأجسام المهازيل؛ وذلك أن الشصائص جمع الشصوص، وهي المهزولة، التي لا لبن لها، لا أولاد الإبل ولا صغارها، ولا تسمى صغار الإبل ولا أولدها: شصائص، والإبل المهازيل، وإن قل لحمها فألواحها وخلقها عظام. وقد بينا من تفسير هذا الشعر وغيره في كتاب "إبطال الأضداد" ما لا يصلح ذكره ههنا.
وأما قوله بعد ذلك: وجلد بيضة الإنسان الصفن، ووعاء قضيب البعير الثيل، ووعاء قضيب الفرص وغيره من ذوات الحافز: القنب؛ فإن الصفن بفتح الصاد والفاء كما قال جلد بيضتي الإنسان. وقد حكى "الخليل" فيه لغة أخرى، وهي الصفن، بضم الصاد، وسكون الفاء، وهو مأخوذ من الصفنة، وهي جلدة كالسفرة الصغيرة، تجمعها حلقة واحدة، يستقى بها الماء في السفر، فإذا كانت كبيرة فهي الصفن بغير تأنيث. وقد قال "الخليل": الصفن: ما تنضده ونحوها من حشيش أو غيره، ثم تبني في وسطه بيوتها. وفعله: التصفين. ومنه صفن الخيل، وهو نصبها سنابكها وقيامها. يقال: صفنت