إحداهما في النفس والأخرى في البدن؛ وذلك أن الذي فقه الحديث بعد جهله، بمنزلة الذي صح جسمه بعد سقمه، فلما كانت إحداهما للنفس، والأخرى للبدن، فرق بين مثاليهما. وجُعلتْ كل واحد على وزن ما هو في معناها على ما بينا.
فأما ينقه من المرض، ففتح مستقبله؛ لأن ماضيه مكسور مثل فهم يفهم، فمصدر الأول مفتوح العين، كالفهم، ومصدر الثاني مكسور الأوسط؛ لأنه مثل البرء.
وأما قوله: قررت به عينا أقر، على مثال فعلت أفعل، فإن معناه من القر، وهو البرد. ومنه قرة العين، وهي ضد سخنة العين. فلذلك جاء على مثال سخنت عينه تسخن، وهي عين قريرة، أي باردة ولذلك يقال: إن دمع السرور بارد، ودمع الحزن حار. ويقال: عين سخينة، أي حارة باكية. والعين المريضة يجد صاحبها فيها حرارة وحرقة. والصحيحة يجد فيها صاحبها برداً أو سكوناً، ولذلك قال أبو ذؤيب:
بالعين بعدهم كأن حداقها سملت بشوك فهي عور تدمع
فأما قوله: قررت بالمكان أقر، فمعناه ثبت وسكنت، فلذلك جاء على فعلت، بفتح أوله وثانيه، وهو من القرار. والقرار: المستقر، خولف بين أمثلة الفعلين والمصدرين للفرق بين معانيها.
وأما قوله: قنع الرجل قناعة، بكسر النون في الماضي، فمعناه رضي بحظه، وصبر على ضره. واسم فاعله: قنع، بكسر النون، بغير ألف، وقنوع على فعول في المبالغة.