ومنه قول الله عز وجل:(فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) والمستقبل منهما جميعاً: يقنع، بفتح النون، فالأول يجري مستقبله على ماضيه، على الأصل. والثاني يفتح مستقبله، لحرف الحلق، وأصله غير ذلك. ومصدر الثاني: القنوع، على/ فعول كما قال الشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغنى مفاقره أعف من القنوع
وأما قوله: لبست الثوب ألبسه، بكسر الباء من الماضي، وفتحها من المستقبل، فمعناه معروف. وهو بمزلة اكتسيت، عام في كل شيء، من اللباس وغيره. يقال: لبست ثوبي، وسراويلي، وعمامتي، وخفي، وخاتمي، وسلاحي، ونحو ذلك. مثل لبِست أيامي، ولبست عمري، ونعمتي، وأهلي، قاله الله عز وجل:(هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن). وكذلك لابست الأمر، أي خالطته. وهو ضد عريت أعرى؛ ولذلك جاء على مثاله في الماضي والمستقبل.
وأما قوله: لبست عليهم الأمر ألبسه، بفتح الثاني من الماضي وكسره من المستقبل، فمعناه خلطته عليهم وسترته؛ ولذلك جاء على مثالهما. وأصل الفعلين واحد؛ لأنهما جميعاً من التغطية والاختلاط؛ لأن ستر الأمر تغطية له، ولبس الثياب تغطية للبدن، ولكن خولف بين الأمثلة؛ لفرق بين ما شرحنا، كما خولف بين المصادر فيهما، فقيل في الأول: لُبسا، بضم اللام، ولباساً، وقيل في الثاني: لبساً، بفتح اللام. ومن الثاني قول الله عز وجل:(ولَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ).