وأما قوله: لسِبْتُ العسل ونحوه؛ إذا لعقته، فقد فسره هو. وهو مثل: سففت الدواء ونحوه؛ فلذلك جاء على مثاله، بكسر الثاني من الماضي وفتحه من المستقبل.
وأما قوله: لسبته العقرب تلسبه لسبا، فمعناه لدغته ولسعته،/ وأبرته وغرزته؛ ولذلك جاء على مثال هذه الأفعال، بفتح الثاني من الماضي، ولم يفتح من مستقبله؛ لأنه ليس فيه حرف من الحلق، مثل ما في يلدغ ويلسع، ولكنه يجوز في مستقبله الكسر والضم جميعاً، وهما لغتان. ويستعمل ذلك في الحياة والعقرب والزنبور؛ ولذلك قيل للنحل: اللسوب.
وأما قوله: أسيت على الشيء؛ إذا حزنت عليه آسى، وأسوت الجرح وغيره إذا أصلحته آسوه، فهما على ما فسره، إلا أنهما من الحروف التي غلط في إدخالها، في هذا الباب، إذ وضع أسيت مع أسوت؛ لأن شرطه في ذلك الباب، فَعَلت وفعِلت من لفظ واحد، وهذان لفظان مختلفان في الحروف لأن أسيت من ذوات الياء، وأسوت من ذوات الواو، فهما صنفان مختلفان في الحروف. وإنما يجب أن يأتي أسيت، بكسر السين، مع أسيت، بفتحها؛ ليكونا جميعاً من ذوات الياء، وأن يأتى بهما جميعاً من ذوات الواو، كما أتى بمثل ذلك في الصحيح، فقد خالف هذان جميع ما في هذا الباب من الصواب.
وأما قوله: حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني يحلى حلاوة، فيهما جميعاً، فمعنى الأول واضح مشهور. وأما الثاني، فمعناه حسن في عيني، لأن الحلاوة إنما تذاق بالفم، لا بالعين، والحسن يرى بالعين، ولا يذاق بالفم، وإن كان لا تمتنع الاستعارة في ذلك، كما قال الله [عز وجل]: (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) وقال [تعالى]: (ولَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ العَذَابِ الأَدْنَى دُونَ العَذَابِ الأَكْبَرِ)؛ لأن المعنيين محسان جميعاً؛ فحلى يحلى يحتمل أن يكون مشتقاً من الحلية، فيكون من بنات الياء، فلا يجب أن يقرن بقوله: حلا يحلو أيضاً. فأما/حلاوة في مصدره، فغير منكر أن يقع ههنا. بدلاً من مصدر صحيح لم يستعمل، كما يقال: ذهبت سيراً ونحو ذلك. ولكنه يحتمل أن يجيء أيضاً من حلا يحلو على فعل يفعل، فتنقلب الواو منه ياء، كما قيل: رضي يرضى وهو من الرضوان.