للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: عرج الرجل يعرج، إذا صار أعرج، وعرج يعرج، إذا غمز من شيء أصابه؛ فإن الأول بمعنى زمن يزمن؛ فلذلك جاء على مثال فعله، بكسر الماضي، وفتح المستقبل.

وأما عرج يعرج إذا غمز فأصله من قولك: عرج يعرج، إذا صعد. ومنه قول الله عز وجل: (يَعْرُجُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ [أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ]) فشبه مشى الغامز من وجع برجله بذلك الصعود؛ كأنه يرقى في درجة أو سلم، فقيل: يعرج عروجاً، وقد عرج.

وأما قوله: نذرت النذر أنذُره وأنذِره، بفتح الذال من الماضي، وكسره وضمه من المستقبل، فبمعنى حلفت أحلف، ولذلك جاء على فعلت، بفتح الثاني من الماضي، وجاز في مستقبله الكسر والضم، على الأصل والقياس، اللذين قدمنا؛ لأنه ليس فيه من حروف الحلق شيء. وفاعله: ناذر، مثل الحالف. ومصدره: النذر، على فعل. ومنه قول الأعشى:

يحلف بالله لئن جاءه عني أذى من سامع خابر

ليجعلني سبة بعدها جدعت يا علقم من ناذر

وأما قوله: نذرت القوم، إذا علمت بهم، فاستعددت لهم أنذر، بكسر الثاني من الماضي، وفتحه من المستقبل، فجاء على وزن: علمت أعلم؛ لأنه بمعناه؛ / وتقول فيه: أنذرني فلان كذا وكذا، إنذاراً، مثل: أعلمني إعلاما، فهو منذر ونذير، كما قال الله عز وجل: (بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، (وإن مِّنْ أُمَّةٍ إلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ) وقال [تعالى]: (إنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا).

وأما قوله: عمر الرجل منزله، وعمر المنزل، فهو ضد قولك: خرب الرجل منزله، وخرب المنزل. وهذا من نوادر الكلام؛ أن يقال: عمرته فعمر فيسوى بين فعل الفاعل، وفعل المنفعل في البناء، نحو قولهم: جبرته فجبر وقد فسرنا بعض ذلك فيما تقدم، وهما جميعاً على فعل، بفتح الثاني من الماضي، والرجل عامر، والمنزل عامر، وأحدهما فاعل، والآخر منفعل ومستقبلهما بضم الثاني، والكسر فيهما جائز.

<<  <   >  >>