مَناسِكَهم مِنَ الوقوفِ وَوَقْتِهِ والدَّفْعِ من عَرَفَاتٍ والمبيتِ بِمُزْدَلِفَة وغيرِ ذلك من الأَحكامِ، فإذا فَرَغَ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ والعَصْرَ جَمْعًا إن جاز لَهُ بأذانٍ وإِقامَتَيْنِ، وإن تَرَك الأَذانَ فلا بَأْسَ، وكذا يجمَعُ المُنْفَرِدُ أيضًا.
ثُمَّ يأتي الموقِفَ ويَغْتَسِلُ لَه، وعرفةُ كُلُّها مَوْقِف إلَّا بطنَ عُرَنْةَ، وَحَدُّ عَرَفَةَ من الجَبَلِ المُشْرِفِ على عُرَنَةَ إلى الجِبالِ المُقَابِلَةِ له إلى ما يَلي حَوائِط بني عامِرٍ.
وَيُسَنُّ أن يَقِفَ عِنْدَ الصَّخَراتِ وَجَبَلِ الرَّحْمَةِ واسمُه إلالٌ، على وَزْنِ هِلالٍ، ولا يُشْرَعُ صُعُودُهُ، وَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، رَاكِبًا بِخلافِ سَائِرِ المَناسِكِ والعباداتِ فإنه يكونُ فيها راجلًا، ويُكْثِرُ مِنَ الدُّعاءِ ومن قَوْلِ:"لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيي ويُميتُ وهو حَيٌّ لا يموتُ، بيدِهِ الخَيْرُ وهو على كُلِّ شيءٍ قديرٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبِي نُورًا، وفي بَصَرِي نُورًا، وفي سَمْعي نورًا، وَيَسِّرْ لي أمْري"(١). وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ.
وَوَقْتُ الوُقُوفِ مِن طُلُوعِ الفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَة إلى طُلُوعِ الفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، فمَن حَصَلَ بعَرَفَةَ في هذا الوَقْتِ ولو لَحْظَةً، وَلو مَارًّا بها، أو نَائِمًا، أو جَاهِلًا بها، وهو من أَهْلِ الوقُوفِ، صَحَّ حَجُّهُ،
(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ١١٧) من طريق موسى بن عبيدة عن أخيه عبد الله بن عبيدة عن علي بن أبي طالب عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال البيهقي بعده: "تفرد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف، ولم يدرك أخوه عليًّا رضي الله عنه".