للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب الثاني: في الأَفعال

اعلم أن كل شيء سوى الله وصفاته حادث، وهو سبحانه خلقَهُ وأوجدَهُ وابتدأه من العَدَمِ لا لعِلَّةٍ ولا لغرضٍ (١) ولا لداعٍ ولا لحاجةٍ ولا لموجب، ولا تَجِبُ رعايةُ ذلك في شيء من أفعاله سبحانهُ ولا يفعَلُ عبثًا، فلا خالق لِجِسْمٍ ولا جَوْهَرٍ ولا عَرَضٍ ولا شيء إلَّا هو سبحانه، وجميع أفعال العباد كَسْبٌ لهم وهي مخلوقة الله خيرُها وشرها حَسَنُها وقبيحها، وفعل العبد مختار ومُيسَّرٌ في كسب الطَّاعَةِ واكتساب المعصيَةِ غيرُ مُكْرهٍ ولا مُجْبَرٍ ولا مُضطَرٍّ، والله سبحانه الخالق ما كَسَبَهُ العبدُ واكتسَبُه وفعلَهُ، والقدرة والمقدور والاختيار والمختار والكسب هو ما خلقه الله في محل قدرة المكتسب على وفق إرادته في كسبه.

والقدرة هي التَّمكن من التَّصرف (٢).

وكُلُّ موجودٍ من أفعال العباد وغيرهم، فالله أراد وجوده وإن كان معصيةً ومضرة.


(١) قال شيخنا الأشقر -حفظه الله تعالى-: هذا الكلام لا يستقيم لأن الله تعالى يفعل ما يشاء لما يشاء، والقرآن الكريم مليء بتعليل أفعاله نحو قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} الآية، وقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} ثم هذا كلام غير مفهوم لأن آخره وهو قوله: "عبثًا" ينافي قوله: "لا لعلة ولا غرض". اهـ.
(٢) قال شيخنا الأشقر: ناقض المؤلف -سامحه الله- نفسه حين قال أولًا: يحرم تفسير ما يتعلق بصفات الله تعالى وهو هنا يفسر القدرة الإلهية. اهـ.

<<  <   >  >>