للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وله تعالى إيلامُ الخَلْقِ وتعذيبهم من غير جُرْمٍ سابقٍ أو ثواب لاحقٍ أو اعتبار لائق، فله أن يفعل بخلقه ما يشاء ويحكم فيهم بما يريد (١)، وكل ذلك منه حسن لأَنهم ملكُهُ وهومالكهم فلا يُسئل عما يفعل وهم يسألون.

وله تعجيل الثَّواب والعقاب وتأخيرهما والعفو عن المسلم المذنب وإن لم يتب وعن الكافر إذا أسلم، والمعدوم مخاطب إذا وُجِدَ.

ولا يجب عليه سبحانه لخلقه شيء ولا فعل الأَصلح والأَنفع لهم (٢)، ولا يَصِحُّ أن يقال إنما خَلَقَ الخَلْقَ لينفعهم فإن خلق أهل النَّار وتخليدهم وتسليط إبليسَ وجندِهِ عليهم بالضّلال وغيره ليس


(١) قال تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)}، والظلم سيّء وحرام، فكيف يعذبهم من غير جرم سابق ويكون ذلك حسنًا؟ قاله شيخنا الأشقر.
وقال العلامة ابن الوزير في "إيثار الحق على الخلق" ص ٢٣٨: "إنه قد ثبت بالنصوص والإجماع أن سنَّة الله أنه لا يعذب أحدًا بغير ذنب ولا حجة كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} وفي "الصحيحين": "لا أحد أحب إليه العذر من الله" من أجل ذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب". اهـ.
(٢) لا يجب على الله سبحانه لخلقه شيء إلَّا ما أوجبه على نفسه؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي" أخرجه أحمد (٢/ ٤٣٣) وغيره وهو صحيح، وفي حديث معاذ المتفق عليه: "حق العباد على الله ... ".

<<  <   >  >>