الكبائر كالسِّحْرِ والرِّبا، وعقوقِ الوالدين، والقذف، وشُرْبِ الخَمْرِ، والفرارِ يوم الزَّحْفِ، والغيبَةِ والنَّميمَةِ وما أشبه ذلك، ولا شَكَّ أن بَعْضَ الكبائر أَعْظَمُ من بَعْضٍ، وأن الصغائِرَ دونَ الكبائر ما لم تتكرر وإثْمُها متفاوت أيضًا، والله أعلم.
وصيَّة نافعة إن شاء الله تعالى
حيثُ عَلِمْتَ يا أخي أن الاشتغالَ بالعِلْمِ من أفضلِ الطَّاعاتِ، وأَعْظَمِ القرُباتِ، وأنْفَعِ العباداتِ بل ينبغي أن يكون أفضلها على الإطلاق لتوقف معرفتها وصحتِها عليه بالاتفاق، فاعلم وفقني الله وإيَّاك أنَّه ليس المراد بالعِلْمِ مجردَ الاشتغال به، والإقبال عليه من القراءة والإقراءِ والكِتَابةِ والتَّأْليف وغير ذلك بلا عَمَلٍ يقودُ إِليه، وإنَّما المقصودُ الأَعظمُ منه الحِرْصُ على إحْكامِ العَمَلِ مع تطهير النُّفُّوسِ من المعاصي والزَّللِ، وتنزيهِهَا عن القبابح والرَّذائِلِ، وتبعيدِها عن القَواطعِ عن الله والشَّواغِلِ، وتصفيتِها من المعائب بالنِّيَّةِ الصَّالِحَةِ والإخلاص، والسَّعي التَّامِّ على ما فيه في الدَّارين النِّجاةُ والخلاصُ.
فَفَرْضٌ على كُلِّ عاقِلٍ أن يكونَ مُهْتَمًا غايةَ الاهتمامِ بتحصيلِ ما فيه صلاحُ نَفْسِهِ ومُوجِبُ عدالتها عند الله وبين الأَنام، وأن يكون ساعيًا بجدٍّ واجتهاد في تفريغ قَلْبِهِ من قاذوراتِ الكِبْرِ والبُغْضِ والحَسَدِ والعناد، وأن يكون مُقْبِلًا على مولاهُ في سائِر الأَطوارِ مُعْرِضًا عن جمِيع الأَضدادِ والأَغيار، فإن كان كذلك فَهُوَ في الدُّنيا والأُخرى