للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال سَهْلُ بن عبد الله التُّسْتَريُّ: من أرادَ النَّظَرَ إلى مَجَالِسِ الأَنبياءِ فلْيَنْظُر إلى مجالِسِ العُلَماءِ، فاعْرِفُوا لَهُمْ ذَلِكَ.

فَهَذهِ نُبْذَةٌ يَسِيرةٌ مِمَّا جاءَ في فضيلَةِ الاشتغالِ بالعِلْمِ، ولو اسْتقْصِيَ ذَلِكَ لَبَلَغَ عِدَّةَ مُجَلَّداتٍ؛ لكن في هذا القَدْرِ كِفَايَةٌ لمن وَفَّقَهُ اللهُ لِرضَاهُ، وكفاهُ شَرَّ خَلْقِهِ ونفسِهِ وهواهُ، ومِنَ الشَّيطَانِ وأَعْوانِهِ وأَوليائِهِ حَماهُ، فَنَسْأَلُ اللهَ تعالى بِمَنِّهِ أن يُوَفِّقَنا لِلْعِلْمِ والعَمَلِ، ويَعْصِمَنَا من الغرورِ والزَّيْغِ والزَّلَلِ، ويُجيرَنا من مُوجِباتِ النَّدَمِ، ويغفرَ لَنَا ما زَلّتْ بِهِ القَدَم، وأن يَهْديَنا سواءَ السَّبيلِ، ويُلْهِمَنا اتباعَ النَّبِيِّ الجليل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن يَمُنَّ علينا بِحُسْنِ الخِتَامِ وسترِهِ الجَمِيل، إنَّه سبحانه وتعالى حَسْبُنا وَنِعْمَ الوكيل، ولا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا بالله العلي العظيم.

فَصْلٌ في ذِكْرِ شَيءٍ مِن آدابِ طَالِبِ العِلْمِ

أعلم أَنَّهُ أَوَّلُ ما يَجِبُ على الطَّالِبِ إخلاصُ النِّيَّةِ، فإنَّهُ إن لم يُقدم النِّيَّةَ الصَّالِحَةَ الخالِصَةَ لم يكن عليه نُورٌ، ولا على عِلْمِهِ نُورٌ، بل ولا ينفعُهُ عِلْمُهُ ولا يَنْتَفعُ بِهِ غيرُهُ، فيجبُ عليه أن يَنْوِيَ بِطَلبِهِ العِلْمَ التَّقَرُّبَ إلى مولاهُ بمعرِفَةِ الحلالِ لِيَتْبَعَهُ وَمَعْرِفَةِ الحرام ليجتَنِبَه، ولتكونَ عبادتُهُ للهِ تعالى على بصيرةٍ فتكونَ نافعةً صحيحةً؛ فإنّ

<<  <   >  >>