خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتَنِي في بِلادِكَ حَتَّى بَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ إلى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتَنِي على أداءِ نُسُكي، فإن كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رضًا، وإلَّا فَمُنَّ الآنَ قَبْلَ أن تَنْأَى عن بَيْتِكَ دَارِي، فهذا أوانُ انْصِرَافِي إن أَذِنْتَ لِي، غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ ولا بِبَيْتِكَ، ولا رَاغِبٍ عَنْكَ ولا عن بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي العافيةَ في بَدَني، والصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، والعِصْمَةَ في ديني، وأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وارْزُقْنِي طاعَتَك ما أَبْقَيْتَنِي، واجْمَعْ لي بَيْنَ خَيْرَي الدُّنيا والآخرةِ، إِنَّك على كُلِّ شيءٍ قديرٌ. ويُصَلِّي على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فإذا خَرَجَ وَلَّاها ظَهْرَهُ ولا يَلْتَفِتُ، فإن فَعَلَ أَعادَ الوَدَاع نَدْبًا. والحَائِضُ تَقِفُ على بَابِ المَسْجِدِ وَتَدْعو بِذَلِكَ، ولا وَداعَ عَليها ولا فِدْيَةَ إلَّا أن تَطْهُرَ قَبْلَ مُفارقَةِ البُنْيانِ فَتَرْجِعُ وتُوَدِّعُ، فإن لم تَفْعَل ولو لِعُذْرٍ فَعَليها دَمٌ.
فإذا وَدَّع ثُمَّ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ شَدِّ رَحْلٍ ونحوِهِ، أو اتَّجَرَ أو أَقَامَ أعادَ الوداعَ، لا إن اشترى حاجةً في طريقِهِ أو صَلَّى، وإن خَرَجَ قبلَهُ فعليه الرُّجُوعُ إِليه لِفِعْلِهِ إن كانَ قريبًا ولم يَخَفْ على نَفْسٍ أو مَالٍ أو فواتِ رُفْقَتِهِ أو غَيْرِ ذَلِكَ ولا شيءَ عليه إذا رَجَعَ، فإن لم يمكنهُ أو أمكنَهُ ولم يَرْجِعْ أو أَبْعَدَ مسافَةَ قَصْرٍ فَعليه دَمٌ رَجَعَ أو لا، وسواء تركَهُ عَمْدًا أَو خَطأً أو نسيانًا.
وَمَتى رَجَعَ مع القُرْبِ لم يَلْزَمْهُ إحرامٌ، وَيَلْزَمُهُ مع البُعْدِ بِعُمْرَةٍ يأتي بها، ثُمَّ يَطوفُ للوداعِ.