للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن محمد بن سيرين أنه سأله رَجُلُ عن حديث وقد أرادَ أن يَقُومَ فقال: إنَّكَ إن كلَّفْتَني ما لم أُطِقْ ساءَك ماسَرَّك مني من خُلُقٍ (١).

قال ابن الصلاح: يُخْشى على فَاعِلِ ذلِكَ أن يُحْرَمَ الانتفاع.

قال الشيخ زين الدِّين عبد الرحيم العراقي في "شرح ألفيته": إن أبا العباس أحمد بن عبد الرحمن المرادي كان كَبِرَ وَعَجَزَ عن الإسماعِ حَتَّى كُنَّا نتَأَلّفهُ على قراءةِ الشيء اليسير، فَقَرَأَ عليه بعضُ أصحابِنا فيما بَلَغني "العُمْدَة" بإجازِتِه من عبد الدائِمِ، وأطالَ عليه فَأَضْجَرَهُ، فكان يقول له الشَّيخ: لا أَحْياكَ اللَّهُ أن ترويَها. ونَحْو ذَلِكَ، فماتَ الطَّالِبُ بعد قليلٍ، ولم ينتَفع بِما سمعه عليه (٢).

فليكن تحفُّظُ الطَّالِب للعلْمِ على التدريج قليلًا قليلًا، ولا يأْخُذْ نَفْسَهُ بما لا تطيقُهُ، ففي الحديث الصحيح: "خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ ما تُطِيقُونَ" (٣).

وعن الثَّوري قال: كنت آتي الأَعمش ومنصورًا فَأَسْمَعُ أربعةَ أحاديث خمسة، ثُمَّ أنصرِفُ كراهيةَ أن تكثُر وتَغْلِبَ.


(١) "الجامع" (١/ ٢١٥).
(٢) من قول عمرو بن قيس الملائي إذا بلغك ... إلى هنا نقله المصنف من شرح الحافظ العراقي على الألفية" (٢/ ٢٢٧ - ٢٢٩).
(٣) أخرجه البخاري (٤/ ٢١٣)، ومسلم (٢/ ٨١١) من حديث عائشة.

<<  <   >  >>