للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال إسحاق بن راهويه: رأينا أقوامًا منعوا هذا السَّمَاع، فوالله ما أفلحوا ولا أنْجَحوا (١).

فينبغي للطَّالِبِ إفادةُ الحديثِ ونحوِه لمن لم يَسْمَعْه، والدِّلالةُ على الشيوخ، والتَّنبيهُ على رواياتِهم، فإِن أقلَّ ما يكونُ في ذلك النُّصْحُ للطّالِبِ، والحفظُ للمطلوب مع ما يكتَسِبُ به من جزيلِ الأَجر، وجميلِ الذِّكْرِ.

روى الخطيب بإسناده إلى ابن عباس رفعَه، قال: "إخواني، تناصَحُوا في العِلْمِ، ولا يكتُمْ بعضُكُمْ بَعْضًا؛ فإن خيانَةَ الرَّجُلِ في عِلْمِهِ أَشَدُّ من خيانَتِهِ في ماله" (٢).

ثُمَّ روى عن الثَّوري قال: لِيُفدْ بعضُكُم بَعْضًا (٣).

وأما ما روي عن بعض الأَئمة كشعبةَ، وسفيانَ الثوري، وابنِ جريج، وغيرِهم، أنَّه كَتَمَ العِلْمَ عن بعض النَّاسِ؛ فإنَّه محمولٌ على كتمه عمَّن لم يَرَوْهُ أهلًا، أو على من لم يقبَلِ الصَّوابَ إذا أُرْشِدَ إِليه أو نحو ذلك. وقد قال الخطيب: من أدَّاهُ -لجهلِهِ- فَرْطُ التِّيهِ والإعجابِ إلى المُحَامَاةِ عن الخطإِ والمُمَاراةِ في الصَّوابِ، فهو بذلكَ


(١) ذكرهما ابن الصلاح في "علوم الحديث" ص ٢٢٤.
(٢) أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (٢/ ١٤٩) وإسناده ضعيف جدًّا؛ فيه عبد القدوس بن حبيب الكِلاعي، متروك كما في "الميزان" للذهبي (٢/ ٦٤٣).
(٣) "الجامع" (٢/ ١٥٠).

<<  <   >  >>