للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا إذا قَصَدَ بذلِكَ تكثيرَ طُرُقِ الحديث والتَّثَبُّتَ في العُلُومِ فهو محمودٌ.

قال أبو حاتم: لو لم نكتب الحديث من ستين وجهًا ما عقلناه.

وقال القاسم بن داود البغدادي: كتبت عن ستة آلاف شيخ (١).

وينبغي للطَّالِبِ أن يَسْمَعَ ويكتُبَ ما وقَعَ له من كتابٍ أو جُزءٍ على التَّمامِ ولا ينتَخِبْه، فربما احتاج بعد ذلك إلى رواية شيء مما لم ينتخِبْه فيندَم.

قال ابن المبارك: ما انتخبت على عالم قط إلَّا ندمت.

وقال: ما جاء من منتقٍ خَيْر قط (٢)، لكن فِعْلُ مثل هذا لِعذرٍ لا بأس به، كما لو كان الشَّخصُ غريبًا يعسُرُ عليه طولُ الإِقامةِ، أو كان الشَّيخُ كبيرًا أو مُكْثرًا يعسر الأَخذ عنه كذلك.

وَليجتهدِ الطَّالبُ في الكتابةِ، فإنَّها من أعظم أسبابِ تحصيل العلم، ولا يقتَصِر على السَّماع فقط ولا على الحفظ فقط؛ لأَن ذلك قد يخونُ فيرجِعُ إلى الكِتَاتةِ إن كانَتْ، وإلَّا ذَهَبَ سعيُهُ وضاعَ تحصيلُهُ.

بل لولا الكتابةُ لضاعت غَالِبُ مصَالح النَّاس، ولضاعَ أكثر العلم، فهي أهم شيءٍ في حَقِّ طالبِ العلم، بل رأسُ مالِهِ فلا غنى له


(١) أخرجه الخطيب في "الجامع" (٢/ ٢٢٢).
(٢) "علوم الحديث" لابن الصَّلاح ص ٢٢٥.

<<  <   >  >>