والنُّشُوزُ حرام بل هو من أَكبَرِ الكَبائِرِ، وهو مَعْصِيَتُها إيَّاهُ فيما يَجِبُ عليها. وإذا ظَهَرَ منها أماراتُهُ؛ بأن تَتَثَاقَلَ وتَتَدافعَ إذا دعاها إلى الاسْتِمْتَاعِ، أو تُجِيبَه مُتَبَرِّمَةً مُتكَرِّهَةً، أو يَخْتَلَّ أَدَبُها في حَقِّهِ، وَعَظَها، فإن رَجَعَتْ إلى الطَّاعَةِ والأدَبِ، حَرُمَ الهَجْرُ والضَّرْبُ. وإن أصَرَّتْ وَأَظْهَرَت النُّشُوزَ، بأن عَصَتْهُ، وامْتَنَعَتْ من إجابَتِهِ إلى الفِراشِ، أو خَرَجَتْ من بَيْتِهِ بغيرِ إذْنِهِ، ونحو ذلك، هَجَرَها في المَضْجَعِ ما شاءَ، وفي الكلامِ ثلاثَةَ أيَّامٍ فقط، فإن لم تَرْتَدِعْ، فله أن يَضْرِبَها ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ، يُفَرِّقُهُ على بَدَنِها، وَيَجْتَنِبُ الوَجْهُ، والبَطْنَ، والمَواضِعَ المخُوفَة، ولا يزيدُ على عَشْرَةِ أسواطٍ، فإن تَلِفَتْ من ذلك، فلا ضَمَانَ عليه.
وَيَجُوزُ مَنْعُ الرَّجُلِ من زوجتِهِ إذا عُلِمَ أنَّه يمنعُهَا حقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ ويُحْسِنَ عِشْرَتَهَا.
ولا يسْأَلُهُ أَحَدٌ لِمَ ضَرَبَها؟ ولا أَبُوها؛ لأَن فيه إبْقَاءً للمودَّةِ. وله تأديبُها كذلك على تَرْكِ فرائضِ الله تعالى.
فإن ادَّعى كُلٌّ منهما ظُلْمَ صاحبِهِ، أسْكَنَهما الحاكِمُ إلى جانِبِ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عليهما، ويَكْشِفُ حالَهما، ويُلْزِمُهُما الإنْصافَ، ويكونُ الإسكانُ المذكورُ قَبْلَ بَعْثِ الحَكَمَيْنِ، فإن خَرَجَا إلى الشِّقاقِ والعَداوَةِ، وبَلَغا إلى المُشَاتَمَةِ، بَعَثَ الحاكِمُ حَكَمين، حُرَّيْن، مُسْلِمَيْن، ذَكَرَيْنِ، عَدْلَيْنِ، مُكَلَّفَيْنِ، فَقِيهَيْنِ، عَالِمَيْنِ بالجَمْعِ