للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عليه السَّلامُ: "الصَّدَقَةُ على وَجْهِهَا، واصْطِنَاعُ المَعْرُوفِ، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، وَصِلَةُ الرَّحِمَ، تُحَوِّلُ الشَّقَاءَ سَعَادَةً، وتَزِيدُ في العُمُرِ وَتَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ" (١).

واعلم أَن المُرادَ بِصِلَةِ الرَّحم موالاتُهُم ومَحَبَّتُهُم أكثرَ من غيرهم لأَجل قرابتهم، وتأكيدُ المبادرةِ إلى صلحهم عِنْدَ عداوتِهِم، والاجتهادُ في إيصالهم كفايتَهُم بطيبِ نَفسٍ عِنْدَ فَقْرِهِم، والإسراعُ إلى مُساعدتِهم ومعاونَتِهِم عند حاجتِهِم، ومُراعاةُ جَبْرِ خاطِرِهم مع التَّعَطُّفِ والتَّلطُّفِ بهم، وتقديمُهُم في إِجابةِ دعوتِهِم، والتَّواضُعِ معهم من غير ترافع مع غنَاهُ وفقرِهِم وقوتِهِ وَضَعْفِهِم، ومداومةُ مودَّتِهِم وَنُصْحِهِم في كُلِّ شؤونِهِم، والبُداءَةُ بهم في الدَّعوةِ والضِّيافَةِ قبل غيرِهِم، وإيثارُهُم في الإحسانِ والصَّدَقَةِ والهديَّةِ على من سِوَاهُم؛ فإن الصَّدَقَةَ عليهم صدقةٌ وصِلَةٌ، وفي معناها الهديةُ وغيرها.

وَيَتأَكَّدُ فِعْلُ ذلك مع الرَّحِمِ الكاشِحِ أي المُبغِضِ، عَسَاهُ يرجعُ عن بُغْضِهِ إلى مودَّةِ قريبه ومحبتِهِ.

قال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّدَقَةُ على المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعلى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ؛ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ" (٢).


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ١٤٥)، من حديث علي بن أبي طالب، وفي إسناده جهالة.
(٢) أخرجه الترمذي (٦٥٨)، والنسائي (٥/ ٩٢)، وابن حبان (٣٣٤٤)، من حديث =

<<  <   >  >>