للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبو عبد الله بن بَطَّةَ من الحنابلة، والفقيرُ عفا الله عنه وهداهُ إلى سواءِ السَّبيلِ يميلُ إلى ذَلِكَ تَمسُّكًا بِما لَهُ من قاطع الدَّليلِ، واقتداءً بهؤلاءِ الأَئمة الأَعلامِ، ومن وافقَهُمْ من العلماءِ العِظَامِ، ورغبةً في وافِر الأَجْرِ مِنَ المَلِكِ العَلَّامِ، واسْتِئْناسًا بإفتاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لي بِلُزومها في المنام؛ وذلك أنِّي رأيتُ ليلةَ الجُمُعَةِ خِتَامَ شعبان سنة سَبْعٍ وأربعينَ وَألفٍ في المنامِ كَأنِّي في الجامعِ الأَموي مُسْنِدًا ظَهْرِي إِلَى المقصورةِ مِنَ الجانِبِ الغَرْبِي القريبِ من تحت القُبَّةِ وأنا واقفٌ، فبينما أنا كذلك إذْ حَضْرةُ جنابِ النَّبِيِّ المُكَرَّمِ، والرَّسولِ المُفَخَّمِ، والخليل المُعَظَّمِ سَيِّدنا محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مارٌّ عليَّ من جهةِ بيتِ الخِطَابَةِ غَيْرَ أَنِّي لم أعلم هل هو آتٍ منه أو من غيره، فأخذتُ أَنْظُرُ إلى ذاته الشَّرِيفَةِ المُعَظَّمَةِ المُنيفَةِ زادها الله لديهِ عُلُوًّا واحترامًا وَقُرْبًا وإجْلالًا وإعْظامًا.

وبينما أَنا كَذَلِكَ إذْ رجلٌ من إِخواني وَأَحِبَّائي بل من خيارهم يُناديني لِأَذْهَبَ معه، فَقَلْتُ له: اصْبِرْ حَتَّى أَسْتَفْتِيَ حَضْرَةَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذه المسأَلةِ، فَلَمَّا صار صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُجاهي وأنا واقف بين يديه قريبًا منه جدًّا، أَخَذْتُ أستفتيهِ، فقلت له صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله إذا سَمعَ الإنسانُ ذِكْرَكَ هل يلزمُهُ أن يُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فقال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، فَلَمَّا سَمِعْتُ هذا الجواب الصَّرِيح بهذا اللَّفْظِ المُهَذَّبِ المُحَرَّرِ الصَّحيحِ من لِسانِهِ الصَّادِقِ الفَصيحِ، مشافِهًا لي بذلك مِنْ غَيْرِ شَكٍّ

<<  <   >  >>