فلا يَجوزُ الاغترارُ بما يلهجُ به كثير مِنَ النَّاس، ويتداولونه بينهُم من غير مُسْتَنَدٍ أن كُلَّ الأَعمالِ منها المقبول، ومنها المردود، إلَّا الصَّلاةَ على النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنها مقبولة غير مردودةٍ، فإن هذا الكلام مردودٌ غير مقبولٍ، لأَن كَلِمَةَ التَّوحيدِ أعظمُ منها وأفضل، ولا تقبلُ مِن كثيرٍ مِمَّن يدعي أنّه من أهلها، وليس هو في الحقيقةِ كذلك، فهي وغيرها من سائر الأَعمال لا تفيدُ، ولو أَتى بها بشُرُوطها إلَّا أن يوفق الله ويتفضلَ بالقبول!
لكن ينبغي للعاقِلِ العارفِ مع العَمَلِ والاجتهاد والإخلاصِ أن يخاف الرَّدَّ ويترجى القبول، وقد قال فَضالة بن عبيد الصحابي: لأَنْ أكونَ أعلمُ أن الله قد تقبَّلَ مِني مِثْقَالَ حبةٍ من خَرْدَلٍ أحبُّ إليَّ مِنَ الدُّنيا وما فيها؛ لأَن الله تعالى يقول {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)} [المائدة: ٢٧].
وروي عن سيدنا عبد الله بن عمر نحوه، ويؤيد قولَهما رضي الله عنهما قولُه تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون: ٦٠]، أي: يعطون ما أعطوه من الصَّدَقَاتِ وقلوبهُمُ خائِفَةٌ ألَّا تُقْبَلَ منهم. وَقُرِئَ:(يَأْتُونَ) بفتح الياء (ما أَتَوْا) بِقَصْرِ الهَمْزَةِ؛ أي يفعلون ما فعلوا من الطَّاعاتِ وقلوبهم خائفة ألَّا تقبل، وأن لا تَقَع على الوجه اللائِقِ فيؤاخذوا به.
والحاصل أن قَبُولَ الأَعمالِ مع الإخلاصِ موقوفٌ على