يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذكْرِ، فإذا وَجَدوا قَوْمًا يَذْكُرون اللهَ تنادَوْا هَلُمُّوا إلى حَاجَتِكُمْ، فَيَحفّونَ بِأَجْنِحَتِهِم إلى السَّماءِ الدُّنيا. فَيَسْأَلُهُم رَبُّهُم وَهُوَ أَعْلَمُ: ما يَقُولُ عِبادي؟ قالوا: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ ويُكَبِّرونَكَ ويَحْمَدُونَكَ ويُمَجِّدونَكَ، فيقول: هل رَأَوْنِي؟ فيقولون: لا واللهِ ما رَأَوْكَ، فيقولُ: كَيْف لَوْ رَأَوْنِي؟ قال يقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. فيقول: فَمَا يَسْأَلُونِي؟ قال يقولونَ: يَسْألونَكَ الجَنَّةَ، قال فيقولُ: وهل رَأَوْها؟ قال يقولونَ: لا وَاللهِ يا رَبِّ ما رَأَوْها، فيقول: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْها؟ قال يقولونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كانوا أَشَدَّ عَلَيْها حِرْصًا، وَأَشَدَّ لها طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فيها رَغْبَةً، قال: فَمِمَّا يَتَعَوَّذون؟ قال: يَتَعوَّذونَ مِنَ النَّارِ، قال فيقولُ: وهل رَأَوْهَا؟ قال فيقولونَ: لا وَاللهِ ما رَأَوْها، فيقولُ: فَكَيْفَ لو رَأَوْها؟ قال يَقُولُونَ: لَوَ رَأَوْهَا كانوا أَشَدَّ مِنْها فِرارًا، وَأَشَدَّ لها مَخَافَةً، قال فيقولُ: أشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قال: يقول مَلَكٌ مِنَ الملائِكَةِ: فيهم فُلان لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّما جاءَ لحاجَةٍ، قال: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقَى جَليسُهُم"، متفق عليه (١).
وفي رواية لِمُسْلِمٍ عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن للهِ مَلائِكَةً سَيَّارَةً فضلًا يَبْتَغُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فإذا وَجَدوا مَجْلِسًا فيه ذِكْر قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ
(١) هذا اللفظ أخرجه البخاري (١١/ ٢٠٨، ٢٠٩) من حديث أبي هريرة.