أبطلَهَا وصارت وبالًا على صاحِبها، بل انقلبت معصيةً من أكبَر المعاصي؛ لأَن الرِّياء من الكبائرِ العِظَامِ، وهو ملاحظةُ شيءٍ من الخَلْقِ في الأَعمالِ.
قال أبو سليمان الدَّاراني: إذا أَخْلَصَ العَبْدُ انقطع عنه الرِّياء وَكَثْرَةُ الوسواس.
وفي الجُمْلَة والتَّفْصيلِ: الإخلاصُ أَعزُّ شيءٍ في الدُّنيا، وأنفعُ شيءٍ في الآخرة؛ لأَنَّه أصعبُ شيءٍ على النَّفْسِ فلا يقدِرُ العبدُ عليه إلَّا بمجاهدةٍ لها شديدةٍ، ومُخالَفَةٍ لها أكيدةِ، فإذا وُفِّقَ لِذَلِكَ فإنَّهُ أَجَلُّ نعمةٍ عظيمَةٍ، فالواجِبُ عليه حينئذ أن يَعْرِفَ قَدْرَها، ويشكُرَ مولاهُ الذي وفَّقَهُ لها، ومع هذا يَتَّهِمُ نفسَهُ غايةَ الاتهامِ، ولا يَقْطَعُ لها بالإخلاصِ إن كان من أهل العزائم والإخلاص والإنصاف؛ لأَن هذا المقام مقامُ الأَفرادِ من النِّساءِ والرِّجالِ، وصِفَةُ الأَخيارِ من ذوي الجِدِّ والاجتهادِ، وحالُ الأَبطالِ المُخالفين النَّفْسَ والشَّيطانَ والهوى في كُلِّ حال، ولا يقدِرُ على ذَلِكَ إلَّا من اعتنى به مولاهُ وَوَفَّقَهُ بفضلِهِ وهداهُ، وأزاحَ عنه شَرَّ نَفْسِهِ وشيطانِهِ وهواهُ.
فنسأَلُ الله بمنِّهِ وَكَرَمِهِ وفضلِهِ، وإحْسَانِهِ العميم أن يَهْدِيَنا ويُرْشِدَنا إلى الصِّراط المُستقيم، وأن يُوفِّقَنا للإخلاصِ في كُلِّ عملٍ لِيَصِحَّ ويستقيم، وأن يُلحِقَنا بعبادِهِ المُخْلصينَ وَحِزْبِهِ المُفْلحينَ، إنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، وَأَكْرَمُ الأَكرمين.