للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {لَا رَيْبَ فِيهِ} الجمهور على فتح باء {لَا رَيْبَ} من غير تنوين، وهو مبني مع {لَا} على الفتح، كبناء خمسةَ عشرَ، وهي إذا دخلت على النكرة استغرقت الجنس، فإذا قلتَ: لا رجل في الدار، فقد اشتمل النفي على كل رجل، ولهذا لا يجوز أن تقول: لا رجل في الدار بل رجلان. وإنما بُنِيَتْ مع ما بعدها: لتضمنها معنى (مِن).

وقرئ: (لا ريب) بالرفع والتنوين (١)، والفرق بينها وبين قراءة الجمهور، أن قراءة الجمهور تنفي الواحد وما زاد عليه، لأنها توجب الاستغراق، [وهذه تنفي الواحد، ولم تنف ما زاد عليه، لأنها لم توجب الاستغراق] (٢).

وقوِله: {فِيهِ} يحتمل وجهين أن يكون خبر {لَا رَيْبَ} وأن يكون خبر {هُدًى}، وحذف خبر {لَا رَيْبَ} كما حذف خبر {لَا ضَيْرَ} في قوله عز وجل: {قَالُوا لَا ضَيْرَ} (٣)، ومنه قول العرب: لا بأس، وحَذْفُ الخبر من هذا النحو كثير في لغة أهل الحجاز، والتقدير: لا ريب فيه فيه هدًى، ثم حُذِفَ للعلمِ به.

و{فِيهِ} متعلق بمحذوف تقديره: لا ريب كائن فيه، أو يكون فيه، وأما من نَوَّنَ، فإنه متعلق بنفس الريب، والخبر محذوف.

ولك أن تجعل {فِيهِ} صفة {لَا رَيْبَ} وتُضمر الخبر، فإن جعلته صفةً كان موضعه نصبًا في قول من وصف على اللفظ، أو رفعًا في قول من وصف على الموضع.

ويجوز في {فِيهِ} ونظائره أربعةُ أوجهٍ: كسرُ الهاء من غير إشباع،


(١) نسبت إلى أبي الشعثاء، انظر الكشاف ١/ ٢٠، والبحر المحيط ١/ ٣٦، وذكرها النحاس في إعرابه ١/ ١٢٩ من غير نسبة، وقال: تجعل (لا) بمعنى: ليس.
(٢) سقطت هذه العبارة من (أ).
(٣) سورة الشعراء، الآية: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>