للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَمَا فَوْقَهَا}: الفاء للعطف، و (ما) موصولة معطوفة على بعوضة إن جعلتَ الأولى مزيدة، وإن جعلتها موصولةً أو موصوفةً كانت الثانية عطفًا عليها، و {فَوْقَهَا}: صلتها، والعامل في الظرف: الاستقرار.

ويَحتمل أن تكون (ما) في {فَمَا فَوْقَهَا} موصوفةً والظرف صفتُها، والعامل فيه أيضًا الاستقرار، وإعرابها إعراب ما قبلها من النصب والرفع والجر.

[فصل في (أمَّا)]

وقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا}: (أما): حرف فيه معنى الشرط، ولذلك يجاب بالفاء، وينوب عن ثلاثة أشياء: حَرفِ الشرط، وفعلِ الشرط، وفاعلِه، بشهادة قول صاحب الكتاب رحمه الله في تفسيره: مهما يكن من شيء فكيت وكيت (١). ويأتي للإخبار وحده، وللإخبار وتفصيل ما أجمله المدَّعِي.

فمثال كونه للإخبار: قولك: أَمَّا زيد فظاعن، وأمّا عمر فمقيم. وقوله سبحانه: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا}.

ومثال كونه للإخبار والتفصيل: قولٌ القائلِ: فلان فقيه عالم عامل لبيب. فيقال له على سبيل إثبات بعض هذه الصفات ونفي بعضها: أما فقيهٌ ففقيهٌ، وأما الباقي ففيه نظر.

ولا يليه إلا الاسمُ، نحو: أما زيد فذاهب، والأصل: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، إلا أنه لما ناب عن حرف الشرط كرهوا إتيان الفاء بعده، فأخّروها إلى الخبر وهي في نية التقديم، ولهذا أجازوا أما زيدًا فأنا ضارب، أن يكون (زيدًا) منصوبًا بضارب وإن كان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، لأنها


(١) انظر الكتاب ٤/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>