للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى الاستعلاء في قوله: {عَلَى هُدًى} مَثَلٌ لتمكنهم من الهدى، واستقرارهم عليه، وتمسكهم به، شُبهتْ حالهم بحال من اعتلى الشيء وركبه، كما تقول: زيد على الحق، وهو على الباطل.

والمفلح: الفائز بالبغْيَة، كأنه الذي انفتحت له وجوه الظَّفَرِ ولم تستغلق عليه. وكل مؤمن مفلح؛ لأنه ظافر ببغيته، وأصله: مُؤَفْلِحٌ، لأن ماضيه أفلح.، كأحسن، فحذفت الهمزة منه حملًا على المضارع، وقد ذكرت سبب الحذف في المضارع في غير موضع (١).

والفلاح، والنجاح، والظفر، نظائر في اللغة.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)}:

قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}:

[[فصل في (إن)]]

{إِنَّ} حرف توكيد، وتكون من آلات القَسَم، وعملُها: نصب الاسم ورفع الخبر، لأنها كفعل قُدِّمَ مفعولُه على فاعله ليس إلا، نحو: ضرب زيدًا غلامُه، وهي من العوامل نظير كان وظننت ونحوهما، فلذلك كان لا بد لها من اسم وخبر، كما كان ذلك لجميع العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر.

ووجه شبهها بالفعل: أنها على وزنه، وأن آخرها مبني على الفتح، كما أن آخر سائر الأفعال الماضية كذلك إلا أنها خولف بعملها بتقديم المنصوب على المرفوع؛ ليدل على أنها عملت على جهة التشبيه بالفعل، وكان تقديم المنصوب أولى، لتكون أبعد من مشابهة الفعل، إذ الأصل فيه أن يكون الفاعل بجنبه، فإذا أُخِر المرفوع هنا حصلت مخالفتها للفعل،


(١) انظر إعراب (يؤمنون) أول الآية الثالثة من هذه السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>