للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانحطاطها عن رتبته، وكذلك الكلام في أخواتها. واسمها {الَّذِينَ}، فأما خبرها فَيَحتمِلُ ثلاثةَ أوجهٍ:

أحدها: {سَوَاءٌ}، وما بعده مرتفع به على الفاعلية، كأنه قيل: إن الذين كفروا مُسْتَوٍ عليهم إنذارُك وعدمُهُ، كما تقول: إن زيدًا مختصِمٌ أخوه وابنُ عمه.

والثاني: الجملة، على أن تجعل {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} في موضع رفع بالابتداء و {سَوَاءٌ} خبرًا مقدمًا، أي: إنذارُك وعدمُه سواء عليهم، والجملة خبر لـ {إِنَّ}.

والثالث: {لَا يُؤْمِنُونَ}، و {سَوَاءٌ} وما بعده - على هذا - اعتراض بينهما لا موضع لها من الإعراب.

و{لَا يُؤْمِنُونَ}: على الوجهين الأولين خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هم لا يؤمنون، ويجوز أن يكون خبرًا بعد خبر (١).

وأجاز أبو علي أن يكون حالًا من الضمير المنصوب على حد: مَعَهُ صَقْرٌ صائدًا به غدًا، و {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (٢).

فإن قلت: ما منعك أن تجعل {سَوَاءٌ} مبتدأ وما بعده خبره كما زعم بعضهم؟ قلت: منعني تنكيرُه، وقد تقرر أنه إذا اجتمع المعرفة والنكرة لم يكن الخبر إلا النكرةَ، لأن الخبر يجب أن يكون مجهولًا، وما يخبر عنه معروفًا، ولو عكست لم يجز، لأن الإخبار بما يُعرف عما لا يُعرف عكس العادة، لعدم الفائدة (٣).


(١) انظر جميع هذه الأوجه في التبيان ١/ ٢١، والبحر المحيط ١/ ٤٦.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٩٥، وانظر إعراب أبي علي هذا في الحجة ١/ ٢٦٨.
(٣) هذا كلام مستقيم على القواعد النحوية، ومع ذلك فيكاد يتفق معربو القرآن على كون (سواء) مبتدأ خبره الجملة التي بعده مع تجويزهم وقوعه خبرًا، ولم يذكر الزمخشري ١/ ٢٥ إلا الخبر، وذكره ابن عطية ١/ ١٠٦، أولًا ثم جوز الابتداء. (انظر إعراب النحاس، ومعاني =

<<  <  ج: ص:  >  >>