للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم حُذف صَدرُ الجملة، كما حذف في قراءة من قرأ: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ} (١) بالرفع، أي: هو أحسن، وهما ابن مسعود رضي الله عنه ويحيى بن يَعْمَر (٢).

وأن تكون مزيدة، و (بعوضةٌ) خبر مبتدأ محذوف، أي: أن يضرب مثلًا هو بعوضة.

وقد جوز أن تكون (ما) استفهامية، قال أهل التأويل: وذلك أنهم لما استنكفوا من تمثيل الله لأصنامهم بالمُحَقَّراتِ قال: إن الله لا يستحيي أن يضرب للأنداد ما شاء من الأشياء المحقَّرة مثلًا، بَلْهَ البعوضةَ فما فوقها، كما يقال: فلان لا يبالي بما وهَبَ ما دينارٌ وديناران؟ (٣).

وقرئ أيضًا: (ما بعوضةٍ) بالجر (٤) على إرادة الجار وهو (بينَ)، يعضده ما روي عن بعض الفصحاء: أنه كان إذا سئل: كيف أصبحت؟ قال: خيرٍ (٥). على إرادة الجار، وهو الباء، أي: بخير.

والبعوضةُ: صغار البَقّ، وهي المعروفةُ العاضَّةُ المؤذية، وجمعها بعوض. قيل: اشتقاقه من البعض وهو القطعُ، كالبَضْع، والعَضْب، يقال: عَضَبه عَضبًا، إذا قطعه (٦).


(١) من سورة الأنعام آية (١٥٤).
(٢) وهي قراءة الحسن، والأعمش أيضًا. انظر المحتسب ١/ ٢٣٤، والقرطبي ٧/ ٢٤٢، والبحر ٤/ ٢٥٥، والإتحاف ٢/ ٣٨، ويحيى بن يعمر، هو العدواني أبو سليمان البصري، أول من نقط المصحف، وكان فصيحًا مفوهًا عالمًا، أخذ العربية والقراءة عن أبي الأسود، وسمع من ابن عباس، وابن عمر، وعائشة، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وقرأ عليه أبو عمرو بن العلاء، ولي قضاء خراسان لقتيبة بن مسلم، وتوفي قبل عام تسعين (معرفة القراء)
(٣) الكلام للزمخشري ١/ ٥٦، وذكره أبو حيان ١/ ١٢٣ عنه.
(٤) لم أجد من ذكرها.
(٥) هو رؤبة كما في الخصائص ٣/ ١٥٠، ومغني اللبيب /٢٧٢/.
(٦) انظر مفردات الراغب (بعض)، ومعالم التنزيل ١/ ٥٨، والمحرر الوجيز ١/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>