والكهل: الذي قد انتهى شبابه، يقال: اكتهل الرجل، إذا انتهى شبابه.
وقيل: المعنى يكلمهم في المهد آية وأعجوبة، ويكلمهم كهلًا بالوحي والرسالة. فإن قلت: إذا جعلت {فِي الْمَهْدِ} حالًا كان قوله: {وَكَهْلًا} عطفًا عليه، فإن جعلته ظرفًا على أي شيء تعطف قوله:{وَكَهْلًا}؟ قلت: على {تُكَلِّمُ}؛ لأن التقدير: أيدتك به مكلمًا الناس في المهد وكهلًا.
وقوله:{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ}، {وَإِذْ تَخْلُقُ}، و {وَإِذْ تُخْرِجُ} وما بعدها كلها عطف على قوله: {إِذْ أَيَّدْتُكَ}.
وقوله:{مِنَ الطِّينِ} متعلق بقوله: {تَخْلُقُ}، و {مِنَ} لابتداء غاية الخلق. ومفعول {تَخْلُقُ} محذوف، والكاف في {كَهَيْئَةِ} في موضع نصب على أنها صفة لذلك المفعول تقديره: وإذ تخلق من الطين هيئة مثل هيئة الطير، وكذلك قوله:{بِإِذْنِي} في موضع الصفة للهيئة المحذوفة، ولك أن تجعله حالًا منها؛ لأنها خصصت بالوصف. ومعنى {بِإِذْنِي}: بتسهيلي وإرادتي.
وقوله:{فَتَنْفُخُ فِيهَا} يعني في الهيئة التي كان يخلقها عيسى عليه السَّلام وينفخ فيها، ولا يجوز أن يكون الضمير للهيئة المضاف إليها كما زعم بعضهم؛ لأنها ليست من خلقه ونفخه، وكذلك المستكن في {فَتَكُونُ}، أي: فتكون الهيئة طيرًا، والهيئة مصدر والمراد بها المهيأ، كضرب الأمير، وخلق الله، وقد مضى الكلام على الطير والطائر في "آل عمران"(١).
وقوله:{إِذْ جِئْتَهُمْ} ظرف لقوله: {كَفَفْتُ}.
وقرئ:{سِحْرٌ} بغير ألف على أنه مصدر، والإِشارة إلى المُنْزَل،